قال محمد بن رشد: قوله وأسلمت الأم والولد، ثم مات أحد الولدين- يريد ولم يسلم الأب، أو بعد أن مات، لأنه لو مات أحد الولدين، والأب حي قد أسلم - لكان الميراث له، لأن الأب يحجب الإخوة كلهم؛ ولو مات الأب وقد أسلم، لكان الميراث بين ابنيه وابنته أمهما- أخماسا؛ وقد اختلف إذا مات أحد الولدين والأب على مجوسيته، أو بعد أن مات، فقال سحنون في هذه الرواية للأم السدس، لأنها أم وأخت؛ فكان الميت قد ترك أما وأختا وأخا، فرأى لها السدس لأنها حجبت نفسها عن الثلث إلى السدس، وأهل الفرائض يعطون في هذه الفريضة للأم الثلث- وهو أظهر، لأنها إنما ورثت على أنها أم، ولم تورث على أنها أخت وأم، فألغي كونها أختا مع كونها أما، ويلزم سحنون على قياس قوله إذا لم يلغ كونها أختا مع كونها أما، حجبها نفسها عن الثلث إلى السدس- أن يورثها على أنها أخت، وعلى أنها أم، فيعطيها السدس من أجل أنها أم، ويعطيها الثلث مع الأخ من أجل أنها أخت- وهذا مما لم يقولوه أنها تورث من وجهين، وإنما الذي قالوه إنها تورث بالأقوى سببا، وإن كان حظها به أقل على ما قاله سحنون في هذه المسألة؛ وأما على ما قاله أهل الفرائض فيها فيستوي حظها على أنها أم، وعلى أنها أخت؛ لأن للأم مع الأخ الواحد الثلث، وللأخت معه الثلث أيضا؛ ولو كان المجوسي لما تزوج ابنته ولد له منها ابن، ثم مات الابن بعد الأب، أو قبل أن يسلم- فترك أمه وهي أخته أيضا، لورثت الثلث على أنها أم، ولم تورث النصف على أنها أخت- وإن كان حظها على أنها أخت أكثر، لأنه إنما يراعى قوة سببها لا كثرة حظها، والأم أقوى سببا من الأخت؛ لأنها ترث مع الأب والابن، ولا ترث الأخت مع واحد منهما شيئا، وبالله التوفيق.