صراخه، إلا عيسى ابن مريم، فإنه لما جاء طعن في الحجاب» أو كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فإذا استهل المولود صارخا علمت حياته) ، وإذا لم يستهل صارخا لم يعتبر بحركته، لأن المقتول من بني آدم يتحرك بعد القتل، وقد كان يتحرك في بطن أمه، فلم يعتد بتلك الحركة؛ وكذلك بوله إن بال لا يعتد به، ولا يعد ذلك حياة له، لأن الميت قد يبول، فليس بوله على عادة الأحياء، وإنما يخرج البول منه باسترخاء المواسك بالموت، وأما إن رضع وعطس) فقول سحنون: إن الرضاع يدل على حياته، ولا يمكن أن يرضع إلا بعد أن يستهل صحيح، وعبد العزيز بن أبي سلمة يقول ذلك في العطاس، فقيل: إن سحنون فرق بين الرضاع والعطاس، لاحتمال أن يكون ما سمع من عطاسه ريح خرجت منه؛ والصحيح ألا فرق بينهما، إذ لا يشبه العطاس خروج الريح منه، وكذلك التنفس أيضا يدل على الحياة، ولا يمكن أن يكون إلا بعد الاستهلال، بدليل الحديث الذي ذكرناه، فوجب ألا يحمل قول مالك في هذه الرواية على ظاهره من أنه لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث إذا كان لم يستهل، وإن تنفس وعطس ورضع، لأن نفسه وعطاسه ورضاعه (دون أن يستهل) خرق للعادة التي أجراها الله بما أخبر به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من خرق هذه العادة في عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وإنما المعنى في ذلك أنه لما سئل عن المولود يولد فيمكث يوما وليلة وأكثر من ذلك يتنفس ويعطس ويرضع ولم يستهل؛ رأى