ولا اختلاف في الحائض تطهر أنها إنما تنظر إلى ما يبقى من الوقت بعد كمال غسلها؛ لأنها غير مخاطبة بالصلاة في حال حيضها، فلما كانت غير مخاطبة بها في حال حيضها، وكانت لا تملك الطهر عنها، وكانت الطهارة بالماء من شرطها، وجب ألا يجب إلا بعد كمالها، وكذلك القياس في المغمى عليه؛ لأنه غير مخاطب بالصلاة في حال إغمائه وهو لا يملك الإفاقة منه؛ وذهب مطرف، وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، إلى أنه إنما ينظر إلى ما بقي عليه من الوقت ساعة يفيق؛ ووجه هذا القول، مراعاة قول من يرى الإغماء كالنوم في أنه لا يسقط الصلاة؛ وأما النصراني يسلم؛ فالقياس فيه أن ينظر إلى ما بقي عليه من الوقت ساعة يسلم؛ لأنا إن قلنا أنه غير مخاطب بالصلاة حتى يسلم، فلا عذر له في تأخير الإسلام إلى الوقت الذي أسلم فيه، إذ قد كان قادرا عليه قبل، بخلاف الحائض، والمغمى عليه؛ فقول ابن القاسم في الرواية، إن القياس في النصراني أن يكون كالحائض والمغمى عليه، ليس بصحيح، لما ذكرناه. وقد قال أصبغ أنه كالحائض، والمغمى عليه إنما ينظر إلى ما بقي عليه من الوقت بعد فراغه من غسله؛ وذلك على قياس القول بأنه غير مخاطب بالصلاة حتى يسلم من غير أن يراعي ما فرقنا به بينه وبين الحائض والمغمى عليه، من قدرته على الإسلام قبل؛ وتفرقته في الحائض بين أن تحدث بعد الغسل أو تغتسل بماء نجس ليس ببين؛ لأنهما جميعا لم يكن منهما تفريط في التأخير، فإما أن تعذر في المسألتين جميعا، فتعمل فيهما على ما بقي من الوقت، بعد الوضوء وبعد الغسل الثاني - على ما روى أبو زيد عن ابن القاسم في كتاب ابن المواز؛ وإما ألا تعذر فيهما جميعا فتعمل فيهما على ما كان بقي من الوقت أولا، ولم يبين في الرواية إن كان الماء الذي اغتسلت به أولا قد تغير من النجاسة أو لم يتغير، فإن كان تكلم فيها على أن الماء لم يكن تغير، فهو خلاف ما مضى من قول أشهب في سماع سحنون، وقد تكلمنا هناك على ذلك، وذكرنا وجه الاختلاف فيه.