حلف ليهجرنه، فإنه يهجره شهرا، وهو على قياس قوله في هذه: أنه يهجره سنة- إذا حلف أن يطيل هجرانه- وهو قول ابن كنانة، وابن الماجشون يقول: إنه إن حلف ليهجرنه (أنه) يبر بثلاثة أيام، وإن حلف ليطيلن هجرانه يبر بالشهر ونحوه، واختلف في ذلك قول ابن القاسم فله في كتاب الرهون من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق، مثل قول ابن الماجشون؛ لأنه قال فيه: إنه يبر بثلاثة أيام إذا حلف على الهجران- ولم يعم شيئا، فعلى قياس قوله إذا حلف ليطيلنه، أنه يهجره شهرا ونحوه، وحكى عنه ابن حبيب أنه لا يبر إذا حلف ليهجرنه إلا بشهر ونحوه، فعلى قياس ما حكى عنه إذا حلف ليطيلنه لا يبر إلا بالعام ونحوه، مثل قول مالك، وقول ابن الماجشون، وما في العتبية لابن القاسم أظهر؛ لأنه إذا لم يسم شيئا، كان الوجه في ذلك أن يبر بأكثر ما يجوز الهجر إليه- وهو الثلاثة الأيام- على ما جاء في الحديث من أنه لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام.
وإذا حلف ليطيلنه بر بالحد الذي اعتزل فيه رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أزواجه إذ هجرهن وهو المشهور، ومن قال: إنه لا يبر إذا لم يسم شيئا إلا بالشهر اعتبارا باعتزال النبي عليه السلام أزواجه شهرا لم يبر إذا حلف ليطيلنه إلا بالعام؛ لأنه حد في أشياء كثيرة من الأحكام، وروى يحيى عن ابن القاسم أنه إن أطال هجرانه- ولم يتم السنة فلا حنث عليه، (قال) : وليس الشهر والشهران والثلاثة والخمسة والستة بطول، وكأنه رأى ذلك في الثمانية، وبالله التوفيق.