الحالف على المعنى الذي ظهر من قصدها، لا على لفظها؛ لأنها أرادت بقولها: إن عفوت عنك إن لم أرفع أمرك إلى السلطان فيأخذ لي بحقي منك على ما ظهر من قصدها، وهذا يتخرج على قولين؛ لأن المعنى الذي صرف يمينها إليه مظنون ليس بمعلوم- حسبما بيناه في رسم جاع من سماع عيسى من كتاب النذور، ففرق بين يمينها ألا تعفو عنه، ويمينها ألا تضربه، بأن جعل يمينها على ألا تعفو عنه على الحنث؛ لأن المعنى فيه عنده لتضربنه، ومن حلف بعتق عبده ليفعلن فعلا لا يجوز له أن يبيعه حتى يفعل ذلك الفعل، فإن مات قبل أن يفعل عتق في ثلثه، بخلاف من حلف ألا يفعل فعلا، هذا يجوز له أن يبيعه؛ لأنه على بر، فإن باعه لم يكن عليه شيء، فإن اشتراه بعد ذلك، رجعت عليه اليمين؛ لأنه يتهم أنه باع على أن يشتريه منه بشرط لتنحل عنه اليمين، فقد قيل: إنه إذا اشتراه من غير الذي باعه منه، لم ترجع عليه اليمين، وقيل: إنه إذا بيع عليه في الدين، أو اشتراه ممن بيع عليه في الدين، أن اليمين لا ترجع عليه، وهو قول أشهب، ومذهب ابن القاسم أن اليمين ترجع عليه إلا أن يعود (إليه) بميراث؛ لأن التهمة في الميراث مرتفعة على كل حال، وقول أشهب حتى يأخذ الغير، معناه حتى يأخذ جزاء الجناية عليه؛ لأن الغير القود، قال ذلك ابن لبابة، واستدل على ذلك بقول الشاعر:
هلا سكتم فتخفي بعض سوءتكم ... إذ لا يغير في قتلاكم غير
وقال الكسائي: الغير الدية، وجمعه أغيار. وقال أبو عمرو: