يشهد على ذلك حين لم يجده وانقضى ذلك اليوم وغابت الشمس، خفت أن يحنث.
قال محمد بن رشد: قال في المسألة الأولى: إنه حانث، لذا كان اليوم الذي حلف عليه قد انقضى وبقي له الخيار مستبصرا في ذلك قويا فيه لا يشك، وقال في المسألة الثانية: إنه إن لم يشهد الوكيل على إمضاء البيع للمشتري حتى انقضى ذلك اليوم وغابت الشمس، خفت أن يحنث، والحنث في الثانية أبين منه في الأولى، وذلك أنه لم يكن من الحالف في المسألة الأولى تفريط في ترك البيع حتى انقضى النهار، بل كان مغلوبا عليه في ذلك بخطى الرسول عليه، وأما المسألة الثانية فالتفريط جاء من قبل الحالف، إذ كان قادرا على أن يشهد هو على إمضاء السلعة للمشتري بالخيار الذي اشترطه الوكيل فيها فإذا لم يفعل وصرف الأمر في ذلك إلى الوكيل، فقد فرط ووجب أن يحنث بلا شك، إلا أن قوله في المسألة الأولى إنه حانث هو المشهور في المذهب المنصوص عليه في المدونة وغيرها: أن من حلف ليفعلن فعلا لا يعذر في تركه بالغلبة على ذلك، إلا أن تكون له فيه نية (بخلاف الحالف أن لا يفعل فعلا هذا يعذر فيه بالإكراه على الفعل- وإن لم تكن له فيه نية) وقد قيل: إنه لا يعذر بالإكراه على الفعل إلا أن ينويه، وهو الذي يأتي على قول مالك الذي تقدم في رسم الأقضية من سماع أشهب، وقد مضى القول على ذلك هنالك وما يتحصل في المسألة من الاختلاف، وبالله التوفيق.