قال محمد بن رشد: اختلف في الرجل يعتق عبده إلى قبل موته بأجل سماه على أربعة أقوال؛ أحدها قول ابن القاسم هذا في هذه الرواية: أنه لا يعجل عليه عتقه بالشك، ويترك في خدمته إن كان له مال حتى يموت، فإذا مات نظر في الأجل الذي سمى، فإن كان حل والسيد مريض من مرضه الذي مات منه عتق من ثلثه؛ لأن موته كشف أن العتق وجب له في مرضه الذي مات فيه، وإن كان حل وهو صحيح عتق من رأس ماله، وأعطى من رأس ماله أيضا قيمة خدمته، فإن كان الأجل في التمثيل سنة استؤجر سنة ووقف خراجها، فكل ما مضى شهر بعد السنة، وقف خراج هذا الشهر، وأعطى السيد خراج شهر من أول السنة؛ هكذا أبدا، وتكون نفقته وكسوته من خراجه، فإن استؤجر في هذه المسألة على أن نفقته وكسوته على سيده، أسقط من إجارته نفقته وكسوته، ووقف الباقي، وإن استؤجر على أن نفقته وكسوته على المستأجر، وقفت الإجارة كلها، وذلك يخرج إلى شيء واحد؛ فإن مات العبد في حياة سيده أخذ السيد ما وقف له، حكى ذلك ابن المواز عن ابن القاسم، والذي يأتي على قياس قوله أن يبقى موقوفا حتى يموت السيد فيعلم بموته هل وجب للعبد العتق قبل موته من رأس مال سيده أم لا؟ فإن تبين أن العتق قد كان وجب له قبل أن يموت من رأس المال، كان ما وقف لورثته؛ وقال المدنيون على قياس هذه الرواية: إنه من أراد أن يستخدم لعبده طول حياته، ويكون حرا من رأس ماله بعد وفاته، فيعتقه إلى قبل السبب الذي يكون منه وفاته من أجل يسميه، وذلك لا يصح؛ إذ ليس للرجل بعد وفاته أكثر من ثلث ماله؛ والواجب إذا فعل ذلك أن يعجل عتقه باتفاق؛ لأن العتق قد حصل له بيقين، إما بقوله، وإما بموته، فلا يصح أن يمكن من اختدامه بشك؛ إذ لا يدرى لعله حر من الآن.