قال محمد بن رشد: رأيت لابن دحون في هذه المسألة أنه قال فيها: إن كان السيد أراد خدمة العبد له، والقيام به حتى يصل الإسكندرية، فلا يلزمه شيء إذا لم يسافر؛ وإن كان إنما أراد عتقه إلى انقضاء زمن يصل به إلى الإسكندرية، فلم يسافر، نظر القدر الذي يصل في مثله لو خرج، فيعتق العبد بعده؛ وهذا الذي قاله لا كلام فيه؛ لأنه إذا علمت نية السيد، ارتفع الإشكال من المسألة؛ ونيته لا تعلم إلا من قبله، فإنما الكلام هل يصدق في نيته أم لا؟ وما يكون الحكم في المسألة إن لم تكن له نية، أو مات قبل أن يخبر بنيته، فيجب على أصولهم أن يصدق في نيته مع يمينه، إلا أن يأتي مستفتيا، فلا يكون عليه يمين، وأما إذا لم تكن له نية، أو مات قبل أن تعلم له نية؛ فيتخرج في ذلك ثلاثة أقوال؛ أحدها قوله في الرواية: أن ذلك كالأجل المعلوم؛ ويكون العبد حرا إلى مقدار البلوغ إلى الإسكندرية، خرج السيد أو لم يخرج، مات أو عاش؛ وهو الذي يأتي على ما في سماع عبد الملك، من كتاب الأيمان بالطلاق، عن ابن القاسم في الذي يقول لامرأته: إذا بلغت معي موضع كذا وكذا، فأنت طالق تلك الساعة.
والثاني: أن ذلك كالأجل المجهول الذي قد يكون وقد لا يكون، وليس الأغلب منه أن يكون، فلا يعتق العبد إلا أن يخرج السيد إلى الإسكندرية ويصل إليها؛ وهذا القول يأتي على ما في رسم استأذن من سماع عيسى، من كتاب الأيمان بالطلاق في الذي يقول لامرأته: إذا قدمت بلد كذا وكذا فأنت طالق؛ لأنها لا تطلق عليه حتى تصل إلى البلد. والثالث: الفرق بين أن يقول ذلك له قبل أن يخرج أو بعد أن يخرج؛ فإن قال ذلك قبل أن يخرج، لم يعتق إلا بوصول السيد إلى ذلك البلد، إن خرج إليه؛ وإن قال ذلك بعد أن خرج، كان العبد معتقا إلى