مثال ذلك أن يترك المتوفى جدا وأختا شقيقة وأخوين للأب، فما زاد فإن الأخت الشقيقة تعاد الجد بالإخوة للأب، فترده بسببهم من النصف الذي كان يجب له معها لو انفردت دون الإخوة للأب إلى الثلث؛ لأنه أفضل له من مقاسمة جميعهم، وتأخذ هي من الثلثين الباقيين بعد نصيب الجد النصف؛ إذ ليس لها أكثر من النصف الذي فرضه الله عز وجل لها، ويكون السدس الفاضل من المال للإخوة للأب، يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فهذا معنى قول ابن القاسم في الرواية: إن الأخت الشقيقة تعاد الجد بأخويها لأبيها؛ وأما قوله وهذا مما لا شك فيه ولا اختلاف ولا كلام لأحد، معناه على مذهب مالك، ومن اتبع زيد بن ثابت على ذلك، ولم يتابع أحد من الصحابة زيد بن ثابت على قوله بذلك، وقد روي عن ابن عباس أنه سأل زيد بن ثابت عن قوله في معادة الإخوة الأشقاء الجد بالإخوة للأب، فقال له: إنما أقول برأيي كما تقول برأيك، وفي ميراث الجد مع الإخوة اختلاف كثير ليس هذا موضع ذكره.
وقد قال جماعة من أهل العلم: إنه لا ميراث للإخوة ما كانوا مع الجد؛ لأنه ينزل بمنزلة الأب إذا لم يكن أب في أنه يحجبهم، كما ينزل ابن الابن بمنزلة الابن إذا لم يكن الابن في أنه يحجبهم، وهو مذهب جماعة من الصحابة، منهم: أبو بكر الصديق، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وأبو هريرة، وابن الزبير، وعائشة أم المؤمنين، والصحيح في النظر أنه لا يحجبهم؛ لأنهم أقرب إلى الميت منه؛ إذ يدلون إليه بأبيهم، والأب أقرب من الجد، بخلاف ابن الابن؛ لأنه أقرب إلى الميت من الأخ؛ لأن الأخ يدلي إلى الميت بالأب وابن الرجل وابن ابنه، وإن سفل أقرب إليه من أبيه، فوجب أن لا يحجب أخاه الذي إنما يدلي إلى الميت بأبيه، وبالله التوفيق.