قلت: فإن فلس سيدهم قبل أن يبر وقد حلف بحريتهم قبل الدين أو بعده يباعوا في الدين؟ قال ابن القاسم: يباعوا في الدين للغرماء كانت يمينه فيهم قبل الدين أو بعده، وليس هم بمنزلة المدبر؛ لأنه هو إن أراد أن يبر بر وسقطت عنه اليمين، وأن المدبر ليس له أمر يبر فيهم.
قال محمد بن رشد: قوله: أرى أن ترد وتكون في ملكه حتى يبر أو يموت فتعتق في ثلثه، هو مثل ما في المدونة من قوله وروايته عن مالك، خلاف قول ابن دينار فيها: إنه إذا رد البيع فيها أعتقت على البائع، قال: لأنه لا ينقض صفقة مسلم إلى رق، وإنما ينقض إلى عتق، وقد ذهب بعض الشيوخ إلى أن ما وقع من قول مالك في رسم العتق بعد هذا هو مثل قول ابن دينار في المدونة، وليس ذلك بصحيح على ما سنذكره إذا وصلنا إليه إن شاء الله.
وقوله: إنهم يباعون في الدين كانت يمينه فيهم قبل الدين أو بعده وأنهم ليسوا بمنزلة المدبرين صحيح للعلة التي ذكرها، وقد ذهب بعض الناس إلى أنه يعارض ذلك ما وقع في أول رسم المدبر والعتق من سماع أصبغ بعد هذا: أن هذه اليمين التي تكون فيها على حنث أقوى من المدبرة، لأن المدبرة توطأ وهذه لا توطأ وليس ذلك ببين، لأنه إنما أراد أنها أقوى منها في أن ولدها يدخلون معها، وليست بأقوى منها في ذلك، بل هي أضعف، إذ قد اختلف في دخول ولدها معها في اليمين حسبما مضى القول فيه في رسم بع ولا نقصان عليك، ولم يختلف في دخول ولد المدبرة معها في التدبير، ورأيت لابن دحون أنه قال في هذه المسألة: ولو اشتراهم بعد بيع السلطان عليه للغرماء لرجعت اليمين عليه؛ لأنهم بيعوا وهو على حنث.
فأما قوله: إن اليمين ترجع عليه فهو صحيح، وأما تعليله ذلك بقوله: لأنهم بيعوا وهو على حنث، فليس بصحيح، لأن اليمين ترجع عليه على مذهبه، وإن كان على بر، فهو نص قوله في المدونة، خلاف قول غيره فيها، وبالله التوفيق.