للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضا: بل أراه عتيقا كله، وذلك أن مالكا قال لي في الرجل يتصدق بالعبد ثم يعتقه قبل أن يحوزه المتصدق عليه: إن العتق عليه أولى به، فأرى هذا الذي أعتق نصفا وتصدق بنصف أنه قد أعتقه قبل أن يحاز من يديه، فهو بذلك عتيق كله، قال: وأحب ذلك إلي أن يعتق، قال أصبغ: القول الآخر ليس بشيء وليس بحجة، إنما يكون حجة إذا تصدق به ثم لم يعتق إلا بعد حين بقدر ما يمكن أن يعلم المتصدق عليه بصدقته فلا يقوم ولا يحوز حتى يعتق المتصدق فجوز عتقه، وأما إن تصدق ثم يعتق في مقامه ذلك وفي كلامه، فهذا متلف لصدقته نادم راجع فيه وليس ذلك له، وعليه أن يغرم له نصف القيمة بمنزلة الشريك.

قال محمد بن رشد: أما إذا بدأ بالصدقة فالقول الأول الذي رجع عنه من أن النصف عتيق ويقوم عليه النصف الذي تصدق أولا هو القياس، وذلك أنه لما تصدق بنصفه أولا صار المتصدق عليه شريكا معه فيه قبل أن يعتق حصته منه، فوجب أن يقوم عليه كالعبد بين الشريكين يعتق أحدهما حظه منه أنه يقوم عليه إن كان موسرا.

أما القول الثاني فإنما يتخرج على القول بأن الرجل إذا أعتق بعض عبده يكون حرا كله بالسراية دون أن يعتق عليه، وهو خلاف المشهور في المذهب.

ووجهه أنه لما أعتق نصف عبده بعد أن تصدق بالنصف الآخر قبل أن يقبض منه راعى قول المخالف في أن الصدقة باقية على ملك المتصدق منه، فجعل العتق يسري إليه فبطلت بذلك الصدقة.

والقول الأول أظهر لأنه هو الذي يأتي على المذهب في أن الصدقة تجب بالعقد، وعلى المشهور فيه من أن من أعتق شقصا من عبده فالباقي منه

<<  <  ج: ص:  >  >>