أعتق هؤلاء بإذن ساداتهم أو بغير إذنهم فأجازوا ذلك لهم أو لم يعلموا به حتى عتقوا فولاء ما أعتقوه يرجع إليهم في حال لا يجوز لساداتهم أخذ أموالهم.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة تشتمل على سبع مسائل بعضها متفق عليها، وبعضها مختلف فيها، وهي حكم ما للعبد المعتق بعضه وجنايته، والجناية عليه، وميراث ولده من أمته قبل أن يعتق الشريك فيه حظه، وبعد أن أعتق حظه منه، وميراث ولده من حرة، وميراث ما أعتق بإذن الذي له فيه الرق.
فأما ماله فلا اختلاف في أن الحكم فيه أن يقر بيده للشريك الذي له في نفسه بتحرية التجارة المأمونة، وليس له أن يهبه ولا يتصدق به، فإن عتق باقيه تبعه ماله، وليس لسيده أن يستثنيه إذ لم يكن له أن ينتزعه، فكذلك الشريك الذي أعتق نصفه أولا ليس له أن يستثني ماله كما قال في الرواية، من أجل أن العبد بين الشريكين ليس لأحدهما أن يأخذ حظه منه دون إذن شريكه.
وأما جنايته فنصفها عليه في ماله وذمته يتبع بها إن لم يكن له مال، ونصفها على الذي له نصفه إن شاء افتداه وإن شاء أسلمه كما قال، ومثله في المدونة، ولا اختلاف أحفظه في ذلك.
وأما الجناية عليه فهي بينهما على ما قاله في الرواية، وهو أحد قولي مالك في المدونة، قال فيها: وقد كان لمالك قول إذا جرح إن جرحه للسيد، ثم رجع فقال: هو بينهما، ولكلا القولين وجه، فوجه القول الأول أنه لما كان ميراثه الذي له فيه الرق من أجل أن الحرية تبع للرق كانت الجناية عليه، ووجه القول الثاني أنه شريك في نفسه، فوجب أن تكون الجناية بينهما كالعبد بين الشريكين يجنى عليه، وهو الأظهر، لأن ما نقص من رقبته بالجناية ليس للذي له فيه الرق إلا بعضه، فليس له أن يأخذه كله، والميراث بخلاف ذلك إذ لا يورث بالحرية إلا من يرث بها.