قال يحيى: قلت لابن القاسم: فالمريض يمثل بعبده في مرضه؟ قال: يعتق عليه في ثلثه فإن صح فمن رأس ماله، قيل له: فالمديان الذي لا مال له إلا العبد وليس فيه وفاء لما عليه يمثل به؟ قال: لا يعتق عليه، ولو جاز مثل هذا لمثل المفلس بجميع عبيده فأعدم الناس أموالهم واستفاد بذلك موالي يعتقد ولاءهم.
قال محمد بن رشد: اختلف في السفيه والعبد والمديان والمرأة ذات الزوج يمثلون بعبيدهم، فقيل: إنه لا يعتق على واحد منهم عبده بالمثلة إلا أن يجيز ذلك للمديان غرماؤه وللمرأة ذات الزوج زوجها، وهو مذهب ابن القاسم في هذه الرواية على ما أصله فيها من أنه لا يعتق بالمثلة إلا على من يجوز له عتق عبيده، ونص قوله في الواضحة على ما حكاه ابن حبيب عنه وهو أيضا مذهب سحنون في هذه الرواية، لأنه إذا قال ذلك في المرأة ذات الزوج فأحرى أن يقوله فيمن سواه منهم لأن أبعدهم من أن يعتق عليه بالمثلة المديان الذي لا وفاء عنده بدينه إلا العبد الذي مثل به للعلة التي ذكرها في الرواية من أنه يتهم في أن يمثل به ليعتق عليه فيكون له ولاؤه ولا يأخذه الغريم، ويليه العبد لقوة تحجير سيده عليه، وإذ قد قيل إنه لا يملك وإن ماله لسيده، ويليه السفيه للإجماع في أنه يحجر عليه في جميع ماله لقول الله عز وجل:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ}[النساء: ٥] وتليه المرأة ذات الزوج لأن الزوج إنما يحجر عليها في ثلث مالها، وقد قيل إنه لا تحجير له عليها في شيء منه، فمن قال إنه لا يعتق على المرأة ذات الزوج عبدها بالمثلة إذا لم يحملها ثلثها أو لم يكن لها مال سواه فأحرى أن يقول ذلك فيمن سواها من المذكورين، وهو مذهب سحنون على ما ذكرناه، ومن يقول إنه يعتق على المديان عبده بالمثلة وإن كان الدين مستغرقا له فأحرى أن يقول ذلك فيمن سواه من المذكورين وهو قول أشهب، ومن يقول ذلك في السفيه وهو