فقال: نعم، وإنما مثل ذلك عندي الرجل يقول أول عبد أبتاعه فهو حر فيبتاع شقصا من عبد أنه يقوم عليه ما بقي من العبد فإذا ابتاع عبيدا في صفقة واحدة كان الحنث عليهم في جميعهم أوجب.
قال محمد بن رشد: مثل هذا حكى ابن حبيب عن ابن الماجشون في الميراث أنهم يعتقون عليه جميعا، وإذا قاله في الميراث الذي لم يدخله على نفسه فأحرى أن يقوله في الشراء الذي أدخله على نفسه، وقد قيل إنه يعتق أحدهم بالسهم، وقيل يختار واحدا فيعتقه، والقولان لابن القاسم في أول سماع سحنون في الذي يقول من يشري بكذا فهو حر، فيأتيه ثلاثة من عبيده في مرة، إذ لا فرق بين المسألتين على ما نذكره هناك من أحد التأويلين إن شاء الله تعالى.
وجه القول بأنهم يعتقون جميعا هو أنهم لما ملكهم معا ولم يتقدم أحدهم في الملك على صاحبه كان كل واحد منهم في حكم المتقدم إذ قد علم أنه ذلم يتقدم سواه منهم عليه، وهو في الشراء أيضا لما اشتراهم معا فقد قصد إلى عتق جميعهم.
ووجه القول بأنه يختار واحدا منهم فيعتقه هو أنه لم يعتق إلا عبدا واحدا فلا يلزمه أكثر مما ألزمه نفسه ولما كان كل واحد منهم في حكم الأول وهو لم يعتق إلا واحدا كان له أن يختار من شاء منهم.
وأما القول بالقرعة فوجهه أنه لما لم يكن لواحد منهم مزية في العتق على صاحبه كانت القرعة وجه العدل فيما بينهم، وله أن يقرع بينهم إن شاء على القول بأنه يختار واحدا منهم وليس له أن يختار على القول بأنه يقرع بينهم، وبالله التوفيق.