قال: بل حتى تحنث، وذلك أن التي تقول كل شيء لها حر إن فعلت كذا وكذا فهي على بر ما لم تفعله، فما عليه إن سكت ما كانت على بر، والتي تقول إن أفعل كذا وكذا فكل شيء لها حر لعلها أن لا تحنث إلا بالموت ويكون حنثها كالوصية، فهذا لا يجوز له رد يمينها فيه إلا أن تكون قالت إن لم أفعل كذا وكذا إلى أجل كذا وكذا فكل شيء لها حر، فهذه لعلها أن تفعل الذي حلفت عليه قبل محل الأجل فتبر، ففي كل ذلك لا أرى عليه في سكوته شيئا حتى يجب الحنث، فإذا وجب الحنث لزمه الإنكار وجاز له أن يفعل فيبطل بذلك عتاقة رقيقها إن كانت قيمتهم أكثر من ثلث مالها.
قلت: أرأيت التي تقول إن لم أفعل كذا وكذا إلى أجل كذا وكذا فرقيقي أحرار فعجل الزوج برد يمينها، وقال: اشهدوا أنها إن حنثت فلا حرية لرقيقها، ثم حنثت عند الأجل فسكت الزوج اكتفاء بالشهادة الأولى أيجزيه ذلك أم لا؟ قال: إذا رد عليها قبل أن تحنث ثم حنثت فلم يرد عليها فذلك يجزيه ولا شيء عليها، وذلك أن الرد الأول يرد عليها عتقها ولا أرى عليه أن يرد عليها مرة أخرى.
قال محمد بن رشد: هذه المسألة أبين وأكمل من التي تقدمت في رسم المكاتب فهي تبينها، وقد مضى الكلام على ما فيها من الزيادة على هذه، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.