بن تاشفين - أدام الله تأييده وتوفيقه - في جملة الأعذار التي استعفيت بسببها، وغبطته بالأجر على تفريغي لتمامه، فقبل الرغبة في ذلك لرغبته فيما رغبته فيه من الثواب، وأسعف الطلبة فيه لما رجاه بأن تثقل بذلك موازينه يوم الحساب، والله يدخر له هذه الحسنة ويبوئه منها من درجات الجنة أعلى درجة برحمته، فواليت من حينئذ في إكمال الكتاب إلى أن كمل بحمد الله تعالى وعونه في مستهل شهر ربيع الآخر من سنة سبع عشرة وخمسمائة. والله أسأل المجازاة على ذلك برحمته.
وقد كان بعض الأصحاب سألني أن أمهد في أول كل كتاب منه مقدمة تنبئ عليه مسائله من الكتاب والسنة، وترد إليها بالقياس عليها مع الربط لها بالتقسيم والتحصيل لمعانيها، فرأيت أن أختصر ذلك في كتب هذا الديوان، اكتفاء بما اعتمدته منه في كتب المدونة، وذلك أني جمعت جملا وافرة مما كنت أورده في كل كتاب منها على الأصحاب المجتمعين إلى المذاكرة فيها والمناظرة، وأقدمه وأمهده من معنى اسمه واشتقاق لفظه وتبيين أصله من الكتاب والسنة، وما اتفق عليه أهل العلم من ذلك أو اختلفوا فيه، ووجه بناء مسائله عليه وردها إليه، بالتقسيم لها والتحصيل لمعانيها، جريا على سنن شيخنا الفقيه أبي جعفر بن رزق - رَحِمَهُ اللَّهُ - وطريقته في ذلك، واقتفاء لأثره فيه، وإن كنت أكثر احتفالا منه في ذلك، لا سيما في أول كتاب الوضوء، فإني كنت أشبع القول فيه ببنائي إياه على مقدمات من الاعتقادات في أصول الديانات، وأصول الفقه في الأحكام الشرعيات، لا يسع جهلها، ولا يستقيم التفقه في حكم من أحكام الشرع قبلها، فله الفضل في التقدم والسبق، فإنه نهج الطريق وأوضح السبيل ودل عليه بما كان يعتمده من ذلك مما لم يسبقه من تقدم من شيوخه إليه، وليس ذلك بغريب، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ومبلغ حديث إلى من هو أوعى له منه، والتوفيق بيد