للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: ظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية خلاف نص قوله في النكاح الثالث من المدونة، أن النصراني إذا أسلم وله ولد صغار بنو خمس سنين أو ست أو نحو ذلك مما لم يعقلوا دينهم النصرانية فهم مسلمون ولهم الميراث. قال سحنون: وكذلك يقول أكثر الرواة إنهم مسلمون بإسلام أبيهم، وقد حكى ابن حبيب عن ابن القاسم أن من أبى الإسلام من الصغار يوم أسلم أبوهم يجبرون على الإسلام بالضرب والسجن، ولا يبلغ بهم القتل بعد البلوغ، وهو مثل ظاهر قوله في هذه الرواية، ومثل ما حكى في المدونة من أنه كتب إلى مالك من بلد آخر وهو قاعد عنده في رجل أسلم وله ولد صغار فأقرهم أبوهم حتى بلغوا اثني عشر سنة أو شبه ذلك فأبوا أن يسلموا، أترى أن يجبروا على الإسلام، فكتب إليهم مالك أن لا يجبرهم، والمشهور عن مالك المنصوص عليه في المدونة وغيرها أنهم مسلمون بإسلام أبيهم إذا كانوا صغارا لم يعقلوا دينهم يوم أسلم، ومثله حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون، وقالا: إنه قول مالك وجميع أصحابه بالمدينة، وهو أصح القولين، يشهد بصحته ظاهر قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه» ولنا في التكلم على هذا الحديث مسألة مستغرقة لجميع معانيها في الوقوف عليها بيان صحة الاستدلال به على صحة هذا القول.

والأم في هذا بخلاف الأب، وقد حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون أنهما قالا له وقد روى وجاءت به الآثار: أن إسلام الأم إسلام للولد الصغار.

فيتحمل في المسألة ثلاثة أقوال، أحدها: أن الولد الصغار مسلمون بإسلام من أسلم من الأبوين، والثاني: أنهم لا يكونون مسلمين بإسلام من أسلم منهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>