قال محمد بن رشد: ولد المدبرة مدبر بمنزلتها في مذهب مالك وجميع أصحابه، لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كل ذات رحم فولدها بمنزلتها» ، وما روي عن زيد بن ثابت أنه أجاز بيع ولد المدبرة، وقاله علي وعثمان وابن عمر وابن المسيب وعمر بن عبد العزيز في عدة من التابعين، فالمعنى في هذه المسألة صحيح واللفظ فاسد؛ لأنه قال: إنه ينظر إلى الدين، فإن كان يحيط بأثلاثهم وثلث الأم بيع من كل واحد ثلثه، والأم قد يقدم بيعها كلها في الدين بسبب إباق الأولاد قبل أن يرجعوا من إباقهم، فكيف يباع ثلثها إذا رجع الأولاد ولا يحتاج أيضا إلى بيع ثلث الأولاد، وإنما يحتاج أن يباع منهم ما يرد إلى المشتري فيما يعتق منها.
فإنما يكون صواب الكلام أن يقول: وجه العمل في ذلك إذا رجع الأولاد أن ينظر إلى الدين فإن كان يحيط بأثلاثهم وثلث الأم تبين أنه قد كان يجب أن يباع ثلث كل واحد منهم ويعتق ثلث ما بقي من كل واحد منهم وهو تسعاه، فيعتق من كل واحد من الولد تسعاه، ومن الأم التي بيعت تسعاها أيضا، ويرجع المشتري بتسعي الثمن الذي أدي فيها على الورثة، فيباع له في ذلك مما رق لهم من الأولاد ما يؤدي إليه، وإن أراد الورثة أن يؤدوا إلى المشتري تسعي الثمن من أموالهم ويتمسكوا بما رق لهم من الأولاد وهو سبعة أتساع كل واحد منهم كان ذلك لهم، ويبقى للمشتري في الأم سبعة أتساعها! يكون بالخيار كما قال بين أن يتمسك بذلك أو يرده للضرر الداخل عليه فيها باستحقاق جزء منها بالحرية.
وهذا الذي ذكرناه بين كله، ونزيده بيانا بالتنزيل فنقول: مثال ذلك أن السيد توفي وعليه ثلاثون دينارا دين، وقيمة المدبرة ثلاثون، وولدها الذين أبقوا اثنان قيمة كل واحد منهما ثلاثون ثلاثون، فقام الغرماء قبل رجوع الولد فبيعت لهم المدبرة بثلاثين وأخذوها في حقوقهم، ثم رجع الابنان فكشف