قالوا نحن نؤدي فأدوا الجناية، فإن من أدى الجناية منهم رجع بها على الجاني بعد العتق، وليس هو بمنزلة الكتابة التي يؤدي بعضهم عن بعض، فإن أولئك لا يرجع من أدى على من لم يؤد إذا كانوا إخوة وأقارب.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم إن من أدى منهم الجناية يرجع بها على الجاني خلاف قول غيره وهو أشهب، والله أعلم، في كتاب الجنايات من المدونة إن الجناية كالكتابة لا يرجع بها من أداها عمن هو معه في كتابة واحدة إلا على من يرجع عليه بما أدى عنه من الكتابة. وقد اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا يرجع على زوجته ولا أحد ممن يعتق عليه، ويرجع على سواهم ممن لا يعتق عليه وإن كانوا من ذوي محارمه كالعم والخال، وهو مذهب ابن القاسم؟ والثاني: أنه لا يرجع على زوجته ولا أحد من ذوي محارمه وإن كان منهم من لا يعتق عليه، وهو مذهب أشهب؟ والثالث: أنه لا يرجع على زوجته ويرجع على من سواها وإن كانوا من ذوي محارمه الذين يعتقون عليه كالأب والأخ، وهو مذهب المغيرة، وقوله في نوازل سحنون بعد هذا من هذا الكتاب، فلا اختلاف في أنه لا يرجع على الزوجة ولا في أنه يرجع على ذوي رحمه الذين ليسوا من ذوي محارمه كابن العم وابن الخال وشبههم. وقد حكى ابن حبيب عن أصبغ في ثلاثة إخوة مختلفين: أخ لأب وأم، وأخ لأب، وأخ لأم، كوتبوا كتابة واحدة فأداها أحدهم كلها، أنه إن أداها الذي لأب وأم لم يرجع عليهما بشيء، وإن أداها الأخ للأم رجع على الأخ للأب ولم يرجع على الأخ للأب والأم، وإن أداها الأخ للأب رجع على الأخ للأم ولم يرجع على الأخ للأب والأم. وقوله صحيح على ما ذكرناه من أن ذوي الرحم الذين ليسوا من ذوي المحارم كالأجنبي.
واختلف أيضا في توارث المكاتبين في كتابة واحدة على ثلاثة أقوال: