يلفظ به قول ثالث في المسألة، ومن حكم لها بحكم الكتابة إذا لفظ فيها بلفظ الكتابة أو إذا لم يلفظ به على ما ذكرناه من الاختلاف في ذلك، فلم يراع التعبير في الغنم الذي دفع إليه وأبطل الشرط في تعينها وجعله مكاتبا بعدد ما زاد من الغنم على ما دفع إليه إلى الأجل أنه سمي له أو إلى ما يضرب له من الأجل إن لم يسم له أجلا تلفت الغنم التي دفع إليه أو لم تتلف، وهو نص قول أصبغ في هذه الرواية على أصله في أن الكتابة على الشرط الفاسد تجوز ويبطل الشرط؛ لأنه قال: الغنم إن ماتت فهو على رأس أمره إلى حده الذي كان يرى أو إلى أجله يريد الذي سمي إن سمى أجلا، وبين ما ذكرناه من أن الكتابة على مذهب من يجيزها إنما يراها كتابة بما زاد العدد على ما دفع إليه، قوله: إن الغنم الذي دفع إليه محسوبة له كانت حية أو ميتة ماتت في يديه أو بعد أن دفعها إلى سيده، فإن كان كتابته بأن دفع إليه مائة من الغنم على أنه حر إذا بلغت ثلاثمائة فإنما هو مكاتب بما يتبين؛ لأن المائة التي دفع إليه محسوبة له على كل حال في الثلاث المائة التي كاتبه عليها، كانت حية أو ميتة، ماتت في يديه أو بعد أن ردها إلى سيده، ومن رآها كتابة لم يضرها عنده الدين المستحدث على ما قاله أصبغ في هذه الرواية، ومن لم يرها كتابة وإنما جعله عتقا بشرط بلوغ الغنم العدد الذي سمي في حياته رأى الدين المستحدث يبطله على ما قاله ابن القاسم في أول سماع أصبغ، فكل واحد منهما شيء على أصله.
ولما سأله يحيى في هذه الرواية: هل له على أصله فيها أنها ليست بكتابة أن يبيع العبد أو الغنم أو يدله منها لما خشي من تضييعه إياها سكت له عن الجواب على ذلك، فأما إدالته منها وإدخال غيره مكانه فيها فلا إشكال في أن ذلك له، وأما بيعه للعبد أو الغنم فيجري على ذلك على اختلاف قول مالك وابن القاسم في الذي يقول لعبده: أنت حر إذا قدم فلان هل له أن يبيعه أم لا؟ لأنه لم يجعلها كتابة وإنما رآه معتقا إلى أجل قد يأتي وقد لا يأتي، فأشبه قوله: أنت حر إذا قدم فلان، والله أعلم، وفي المدنية لابن القاسم من رواية عيسى