للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعدا عليه عاد، فأغرمه على ذلك المتاع غرما لم يكن على صاحب المتاع غرم شيء مما غرم عن متاعه.

قال محمد بن رشد: قد قيل: إن له أن يرجع على صاحب المتاع بما أغرم على متاعه، وعلى هذا يأتي قول ابن وهب في المبسوطة في الخليطين يكون لأحدهما مائة وعشرون شاة، وللثاني ثلاثون شاة، فيأخذ الساعي منه شاتين: إن الشاة الواحدة تكون على صاحب العشرين ومائة، والثانية يتراداها بينهما على عدد غنميهما، وقد مضى بيان هذا هنالك، وهذا الاختلاف إنما هو فيما لم يعلم صاحب المتاع به، وأما ما علم به مثل المتاع يتوجه به الرجل من بلد إلى بلد مع رجل، وقد علم أن بالطريق مكانا يؤدي الناس على ما يمرون عليه من المتاع، فلا ينبغي أن يختلف في أنه يجب على رب المتاع للرجل ما أغرم على متاعه.

وقد رأيت ذلك لابن دحون، وقال: إنه بمنزلة الرجل يتعدى عليه السلطان، فيغرمه يتسلف ما يغرم، فذلك بين لازم، وهو حلال لمن أسلفه، ووجه ما ذهب إليه: أنه لما علم إذا بعث المتاع معه أنه سيغرم عليه فكأنه سأله أن يسلفه ما لزم إياه من الغرم على متاعه.

ومن هذا المعنى ما قال سحنون في الرفاق في أرض المغرب يعرض لهم اللصوص، فيريدون أكلهم فيقوم بعض أهل الرفقة فيصالحهم على مال، عليه وعلى جميع من معه، وعلى من غاب من أصحاب الأمتعة، فيريدون من غاب أن يدفع ذلك عن نفسه، قال: إذا كان ذلك مما قد عرف من سنة تلك البلاد أن إعطاء المال يخلصهم وينجيهم، فإن ذلك لازم لمن حضر ولمن غاب ممن له أمتعة في تلك الرفاق وعلى أصحاب الظهر من ذلك ما ينويهم، وإن كان يخاف أن لا ينجيهم ذلك وإن أعطوا، وكان فيهم موضع لدفع ذلك، فما أحب لهم إلا أن يدفعوا عن أنفسهم وأموالهم، فإن لم يفعلوا وأعطوا على ذلك شيئا لم يرجع بذلك على من غاب من أصحاب الأمتعة، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>