عند فلان على فلان لا يكون منه أكثر ولم يأمره أن يقبض له، ثم مات.
قال: إن علم المستودع أنه يصدق بذلك فأراها للمتصدق عليه، وإن لم يعلم فلا أرى للمتصدق عليه شيئا، قلت: من أي وجه قال؟ من قبل أنه إذا علم أنه تصدق بما في يديه فقد صار قابضا للمتصدق عليه حتى لو أراد صاحب الوديعة أخذها لكان يبتغي للمستودع أن لا يدفعها إليه، فإن دفعها إليه ضمنها.
قال محمد بن رشد: وقعت هذه الرواية بعينها في هذا السماع من كتاب الصدقات والهبات وشرط فيها في صحة الحيازة معرفة المستودع خلافا لما في المدونة؛ لأنه جعل فيه قبض المستخدم والمستعير قبضا للموهوب له، ولم يشترط معرفتهما، ويخرج في المسألة قول ثالث، فالقياس على ارتهان فضلة المرهن أن الحيازة لا تصح إلا أن يعلم المستودع ويرضى أن يكون حائزا للموهوب له إلا أن يفرق في ذلك بين الرهن والصدقة حسبما مضى القول فيه مجودا في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب من كتاب الرهون، وإنما يكون قبض المستودع قبضا للمتصدق عليه إذا علم على هذه الرواية أو علم أو لم يعلم على مذهبه في المدونة، إذا قبل الموهوب له الهبة، فأما إذا لم يعلم منه قبول حتى مات الواهب، فلا شيء له، ولا شيء على المستودع في ردها قبل قبول الموهوب له الهبة وعلمه بها، هذا إذا كان الموهوب له حاضرا، وأما إن كان غائبا تصح حيازة المستودع له وإن مات الواهب قبل أن يقبل الموهوب له، وسواء على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك كان الشيء الموهوب بيد الموهوب له أو بيد حائز يحوزه له وهو حاضر إن لم يقبل حتى مات الواهب بطلت الهبة، وقال أشهب: إذا كان الشيء الموهوب بيد الموهوب له صحت له الحيازة، وإن لم يقبل حتى مات الواهب؛ لأن كون ذلك في يديه أحوز الحوز، وبالله التوفيق.