بها ولا يقبل قوله، وإن قال لا أدري متى ذهبت، وإنما عهدي بها منذ كذا وكذا أحلف وكان القول قوله، ولا ضمان عليه، وقاله أصبغ ويحلف ما علم بذهابها حين منعه ولا منعه لذلك، ولقد كان علمه على أنها ثم فيما يرى ساعتئذ ولا يعلم غير ذلك.
قال ابن القاسم: وإن قال ذهبت مني بعد ما حلفت وفارقتك رأيته ضامنا؛ لأنه قد تعدى عليه حين لم يدفع إليه حقه ساعتئذ، إلا أن يكون كان على أمر لا يستطيع الرجوع فيه، ويكون في رجوعه عليه ضرر، فلا ضمان عليه إذا كان كذلك.
قال أصبغ: ليس في هذا تعدي وليس عليه ضمان إذا كان أمره ذلك الذي منعه واحفزه عذرا غالبا عليه فيه ضرر، ولم يكن الأمر كان يمكنه عند بابه أو هو في يديه ونحوه هاهنا، وليس عليه في أخذه ومناولته تطويل ولا أمر، ولا فتح وغلق ولا استخراج ولا أمر لا يصح إلا به وبنظره وبرجوعه، فإن كان هذا كله هكذا رأيته ضامنا ومتهما بدفعه إياه له عنه، وإلا فلا ضمان عليه، فقد يعوق الرجل ما يعوق وقد ينتقل في الحين الذي يأتي فيه إعطاؤه، وقد يرد الناس الناس مثل هذا ويشتغلون ويكلمون وهم أعلم بأنفسهم وأهوائهم ومرافقهم وشأنهم، فأرى أن يحلف ويبرأ إن شاء الله.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة صحيحة لا اختلاف بينهم أنه إذا سأله وديعته فإن أبى أن يعطيه إياها في ذلك الوقت لعذر ذكره ثم أتاه بعد ذلك فيها فذكر أنها قد كانت تلفت قبل أن يلقاه فيها أولا أنه ضامن لها؛ لأنه لما اعتذر في دفعها إليه في ذلك الوقت فقد أقر أنها باقية لم تتلف فكذب ذلك دعواه الآن أنها قد كانت تلفت فلا يقبل قوله في ذلك إلا أن يقول: لم أعلم في ذلك الوقت أنها قد كانت تلفت ولذلك اعتذرت إليه في دفعها إليه في ذلك