للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث ليس على ظاهره في الوجوب؛ لأن معناه واجب في مكارم الأخلاق ومحاسنها، بدليل تخصيصه المؤمن؛ لأنه لما لم يعم، فيقول: الوأي واجب؛ علم أنه أراد بعض المؤمنين، وهم الممدوح إيمانهم، فدل ذلك على الندب إذا لم يعلم به جميع المؤمنين؛ كقول الله تعالى في المتعة: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٢٤١] و {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ٢٣٦] .

والثاني: أنه يقضي به إن كان على سبب وإن لم يدخل بسبب عدته في السبب، وهو قول أصبغ في كتاب العدة، وقول مالك في هذه الرواية نحوه؛ لأنه قال فيها: ولو كان في قضاء دين فسأله فقال نعم ورجال شهود عليه، فما أحراه أن يلزمه ولم يحقق إيجابه؛ لأن قوله: أنا أقضي عنك دينك، وأنا أسلفك لتقضي دينك، أو أهبك لتقضي دينك عدة بسبب، فهي كالعدة على سبب، إذ لا فرق بين أن يسأله أن يسلفه أو يهبه ليقضي دينه فيقول له: نعم أنا أفعل، وبين أن يقول له ابتداء من غير أن يسأله: أنا أسلفك أو أهبك لتقضي دينك، أو أنا أقضي عنك دينك، وقوله: أنا أسلفك أو أنا أسلفك عدة على غير سبب، ففرق مالك بين الوجهين.

ومعنى قوله: ورجال شهود عليه، أي: ورجال حضور شهدوا عليه قوله من غير أن يشهدهم على نفسه.

وقوله: والشهادة في ذلك أبين وما أحقق إيجابه، معناه: إذا قال نعم أشهدكم أني أفعل أو أني فاعل، وأما لو قال: أشهدكم أني قد فعلت لما وقف عن التحقيق في إيجابه عليه، ولزم القضاء به عليه كما قال ابن القاسم.

والثالث: أنه لا يقضي بها وإن كانت على سبب إلا أن يدخل من أجل عدته في السبب، وهو معنى قول ابن القاسم في هذه الرواية: إنما اقتعد الغرماء منه على موعد

<<  <  ج: ص:  >  >>