قال محمد بن رشد: قال أبو إسحاق التونسي: فإن أخذ حماره رجعت الخمسة إلى مشتريه أولا بعشرة؛ لأن رب الحمار إذا أخذ حماره بالاستحقاق انتقضت البيعتان جميعا، وكان المشتري الأول قد أخرج عشرة رجع إليه منها خمسة وبقي له خمسة، فرجع بها على البائع منه، وهو المستعير تمام العشرة التي دفع إليه، وقول أبي إسحاق صحيح مفسر لكلام ابن المواز، ألا ترى أنه لو باعه المستعير بعشرة، ثم باعه مبتاع بعشرة من آخر بخمسة، فجاء صاحبه فأخذه من يد الثاني لرجع الثاني على الأول بالخمسة التي دفع إليه، والأول على المستعير البائع منه بالعشرة التي دفع إليه، وهو دليل ما في سماع سحنون بعد هذا أنه إنما اشتراه لربه، ولو باع الحمار بعشرة ثم اشتراه بخمسة عشر كان صاحب الحمار بالخيار إن شاء أن يأخذ حماره أخذه، وإن شاء أن يجيز البيع الثاني فيأخذ الخمسة عشر من البائع الثاني الذي قبضها، وإن شاء أن يجيز البيع الأول فيأخذ العشرة من البائع الأول الذي قبضها وهو المستعير، فإن أخذ حماره انتقضت البيعتان جميعا ورجع المبتاع الثاني المأخوذ من يده الحمار على البائع منه، وهو المبتاع الأول بالخمسة عشر التي دفع إليه، ويرجع هو عليه بالعشرة التي باع الحمار بها منه ولا يقاصه بها من الخمسة عشر فيرجع عليه بخمسة لا أكثر، وإن أجاز البيع الثاني، فأخذ الخمسة عشر من البائع الثاني الذي قبضها صح البيع الثاني وانتقض البيع الأول، ورجع البائع الذي قبض صاحب الحمار منه الخمسة عشر على بائعه، وهو المشتري الثاني الذي بقي الحمار بيده بالعشرة التي دفع إليه، وإن أجاز البيع الأول وأخذ العشرة من البائع الأول وهو المستعير للحمار المشتري الثاني بقي الحمار بيده، وصحت البيعتان جميعا ولم يكن بينهما تراجع.
وقد رأيت لابن دحون في هذه المسألة كلاما لا يصح، قال: إنه إن أخذ الخمسة عشر صح البيع الأول وبقي الحمار للمشتري الأول، وإن أخذ العشرة بطل البيع الأول والثاني، وبقي الحمار للمستعير بالعشرة.
والصواب ما ذكرناه أنه إن أخذ الخمسة عشر صح البيع الثاني،