الدافع إليه قد صدقه، ويسقط عنه الضمان ويرجع صاحب المال بماله على الغريم بعد يمينه إن كانت للغريم بينة على معاينة الدفع، وهذا يأتي على رواية عيسى هذه، ولا يرجع الغريم على الوكيل بشيء؛ لأنه قد صدق فيما ادعى من الوكالة بيمينه، فكان ذلك كما لو ثبت بالبينة أو أقر بها صاحب المال على ما في كتاب النكاح الأول من المدونة إلا أن يكون فرط في دفع المال إلى الموكل حتى تلف عنده. قاله ابن الماجشون، وهو مذهب ابن القاسم، وحمله مطرف على التفريط، فأوجب للغريم الرجوع عليه، وقيل: لا يصدق وهو ضامن، يحلف صاحب المال ما وكله، ويرجع بماله على من شاء منهما، فإن رجع على الغريم رجع الغريم على الوكيل، وإن رجع على الوكيل لم يكن للوكيل أن يرجع على أحد، وهذا يأتي على ما في كتاب الوديعة من المدونة وعلى ما في سماع سحنون بعد هذا من هذا الكتاب لابن القاسم وأشهب.
فعلى القول بأن الوكيل يصدق فيما ادعاه فيحلف ويسقط عنه الضمان، وهو قوله في هذه الرواية: إن أقر بالعداء كان ذلك في ذمته إن كان عبدا، ولم تكن في رقبته؛ لأنه لا يلزمه عليها شيء إلا بالإقرار، وإقراره لا يجوز على سيده ولا يعدو ذمته.
وأما على القول بأنه لا يصدق فيما ادعاه من الوكالة ويلزمه الغرم بعد يمين صاحب المال أنه ما وكله، فاختلف إن كان عبدا، هل يكون ذلك في رقبته أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن ذلك يكون في رقبته، وإن كان الغريم قد صدقه فيما ادعاه من الوكالة ودفع إليه باختياره؛ لأنه خلبه، وهو قول أشهب وابن القاسم في سماع سحنون بعد هذا.
والثاني: أن ذلك لا يكون إلا في ذمته؛ لأن الغريم قد صدقه فيما ادعاه من الوكالة ودفع إليه باختياره.
والثالث: أن ذلك لا يكون في رقبته إلا أن يقر بالعداء، وبالله التوفيق.