قال محمد بن رشد: قوله في الذي أسلم دابته على وجه اليأس منها: إن له أن يأخذها من الذي أخذها فعاشت عنده بعد أن يدفع إليه ما أنفق عليها - صحيح؛ إذ لم تخرج عن ملكه بإسلامه لها، فيكون له أن يأخذها ممن أخذها إلا أن يكون أسلمها على أنها لمن أخذها أو قام عليها، فيلزمه ذلك ولا يكون له أن يأخذها ممن أخذها وقام عليها، وقد قيل: إنه إذا أسلمها على وجه اليأس منها فهو محمول على أنه إنما أسلمها لتكون لمن أخذها وقام عليها، إلا أن يكون أسلمها في أمن وماء وكلاء فيكون أحق بها، حكى ذلك ابن شعبان في كتابه عن ابن وهب والشعبي والأوزاعي، فلا اختلاف إذا أرسلها في أمن وماء وكلاء أن له الرجوع فيها، وإنما اختلاف إذا أرسلها في غير أمن ولا ماء ولا كلاء، فقيل: إن له الرجوع فيها. وقيل: إنه لا رجوع له فيها. واختلف إذا رجع فيها هل يرجع فيها بيمين أو بغير يمين، والاختلاف في اليمين في هذا على اختلافهم في لحوق يمين التهمة.
وتحصيل القول في هذه المسألة أن إسلامه إياها على وجه اليأس منها لا يخلو من ثلاثة أحوال: أحدها: أن يسلمها على أن له الرجوع فيها إن أخذها أحد وعاشت عنده. والثاني: أن يسلمها على أنها لمن أخذها. والثالث: أن يسلمها ولا نية له.
فأما إذا أسلمها على أن له الرجوع فيها إن أخذها أحد فعاشت عنده ولم يشهد على ذلك، فقيل: إنه يصدق في ذلك، وقيل: إنه لا يصدق فيه إلا أن يكون إرساله إياها في أمن وماء وكلاء، واختلف إذا صدق في ذلك، هل يصدق بيمين أو بغير يمين حسبما ذكرناه من اختلافهم في لحوق يمين التهمة.
وأما إذا أسلمها على أنها لمن أخذها فلا سبيل له إلى أخذها ممن أخذها وقام عليها.
وأما إذا أسلمها ولا نية له، فقيل: إنه محمول على أنه إنما أسلمها على