وجدها فيصف أحدهما العفاص والوكاء، ويصف الآخر عدد الدنانير ووزنها، قال: فهي للذي عرف العفاص والوكاء، وكذلك لو عرف العفاص وحده كانت له أيضا بعد الاستبراء، قيل: فلو أن رجلا ادعاها وحده وعرف العفاص؟ قال: فيستبرئ فإن لم يأت أحد أعطيها الذي عرف العفاص، وإنما الحديث الذي جاء:«اعرف العفاص والوكاء» ، فإن جاء طالبها فإنما ذلك مثل الخليطين إذا كان الدلو والراعي والمراح واحدا، فهو إذا جمعا الراعي أو المراح أو الدلو فهما خليطان، فكذلك إذا عرف هذا بعضا ولم يعرف بعضا.
قلت: فلو قال: هي في خرقة حمراء وخيط أبيض فوجدت الخرقة كما قال والخيط أسود؟ قال: فيستبرأ أيضا ثم يرجع بعد ذلك، فقال لي: هذا قد أكذب نفسه إذ ادعى المعرفة بالوكاء والعفاص ثم وجد بعد ذلك على غير ما قال، فلا يصدق، وإنما يصدق إذا أصاب في بعض وادعى الجهالة في بعض فيستبرأ، فإن جاء أحد بأحق مما ادعى وإلا أعطيها، قيل: فوصف العفاص والوكاء وادعى أنها دنانير فوجد العفاص والوكاء كما قال ووجد فيها دراهم؟ قال: لا يعطاها؛ لأنه إنما ادعى دنانير ذهبت منه، لم يدع دراهم، قال لي: وكذلك لو قال خرقة حمراء وخيط أبيض والدنانير هاشمية، فوجدت الخرقة والخيط كما قال، ووجدت الدنانير عتق لم يكن له شيء.
قال محمد بن رشد: قال: إنه إذا ادعى اللقطة رجلان، فوصف أحدهما العفاص والوكاء، ووصف الآخر عدد الدنانير ووزنها، إنها للذي عرف العفاص والوكاء، يريد: مع يمينه، والاختلاف في هذا، وإنما لا اختلاف إذا جاء وحده، فقيل: إنها تدفع إليه بالصفة دون يمين، وهو ظاهر مذهب ابن القاسم في المدونة، والوجه في ذلك أن الصفة في اللقطة التي لا دافع لها