الله الفتوح، قام فقال: أنا أوفى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المسلمين وترك دينا، فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته» . وإنما أخبر النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قوم المتوفى بحبس ميتهم دون الجنة بما عليه من الدين، رجاء أن يؤدوه عنه، أو يتحملوا به؟ بدليل حديث جابر بن عبد الله، «أن رجلا مات وعليه دين فلم يصل عليه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حتى قال: أبو اليسر، أو غيره، هو إلي؛ فصل عليه يا رسول الله، فجاءه من الغد يتقاضاه، فقال: إنما كان أمس، ثم أتاه من بعد الغد فأعطاه؛ فقال النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: الآن بردت عليه جلده» . وهذا حديث فيه ستة أوجه من الفقه: أحدها جواز الحمالة عن الميت الذي لم يترك مالا، خلافا لأبي حنيفة في قوله: إن الحمالة باطل؛ إذ لو لم تجز الحمالة لما صلى عليه النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ والثاني أنه إذا أدى الدين عن الميت، لم يكن له الرجوع في مال إن طرأ له، إذ لو انتقل الدين إلى الحميل الذي أداه ولم يسقط عن الذي كان عليه، لما بردت جلده بالأداء عنه. والثالث: أن الكفالة لازمة للحميل بغير قبول المكفول له، خلافا لأبي حنيفة في ذلك. والرابع: جواز الكفالة بغير إذن المكفول عنه. والخامس: وجوب أخذ المكفول له بها الكفيل. والسادس: أن ذمة المكفول عنه لا تبرأ بوجوب الكفالة على الكفيل حتى يؤدي عنه، لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الآن بردت عليه جلده» . فإذا لم تبرأ ذمته بالكفالة من الدين، كان للذي له الدين أن يتبع بدينه من شاء منهما على أحد قولي مالك، وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة. وقيل: إنه ليس له أن يتبع الكفيل، إلا في عدم الذي عليه الدين، وهو أحد قولي مالك، واختيار ابن