ولم يشتر شيئا، فإن نكل عن اليمين حلف الوكيل ورد إليه دنانيره وأخذ منه الطعام الذي زعم أنه زرعه له من عنده.
وأما إن صدقه الموكل أنه لم يشتر شيئا فقال في الرواية إنه بالخيار إن شاء أعطاه الكيل، وكان شريكه في الزرع، وإن شاء أخذ دنانيره ولم يكن له في الزرع شيء، وذلك كلام وقع على غير تحصيل، لأنه إنما يخير بين أن يترك الزرع وبين أن يأخذه ويؤدي الطعام، وأما الدنانير فيأخذها على كل حال إذ قد صدقه أنه لم يشتر له بها شيئا، وفي تخيره في ذلك اختلاف، قد قال ابن القاسم في سماع أصبغ بعد هذا في نظير هذه المسألة إنه لا ينبغي أن يكون صاحب البذر مخيرا بين أن يعطي بذرا ويأخذ زرعا، وبين أن يسلم الزرع، وكذلك قال يحيى بن عمر إنه إن صدقه أنه لم يشتر أو قامت بذلك بينة وزرع من عنده فالزرع لباذره، ولا يجوز للآخر الرضي بأخذ نصفه ويؤدي الزريعة، وهذا حرام، وليأخذ دنانيره وما يجب له من كراء الأرض وبقر وعبيد، وكذلك قال ابن القاسم في كتاب ابن سحنون إنه إن صدقه وقد تم الزرع يريد بالبذر، فهو لمن زرعه وللآخر كراء أرضه بعد أن حكي عن ابن القاسم مثل ما قاله في العتيبة في هذه الرواية، وإنما يكون مخيرا في ذلك على القول بأنه مخير فيه، إذا قال الوكيل إنما زرعت له ولنفسي على أن يكون لي نصف البذر عليه سلفا، وأما إن قال زرعت لنفسي خاصة فالزرع له وعليه كراء نصف الأرض ونصف البقر ونصف العبيد إن كان ذلك كله بينهما، ولا تخيير في ذلك للشريك بحال عند أحد، ولو علمنا صدق قول الوكيل فيما ادعاه من أنه زرع لنفسه أو للشريك لم يكن له في ذلك خيار، وإنما الخلاف إذا لم يعلم صدقه من كذبه، فهو يخشى إن صدقه أن يكون كاذبا، وإن كذبه أن يكون صادقا، فيدخل ذلك في كل وجه بيع الزرع بطعام، لأنه إن كان زرع لنفسه فالزرع له لا يجوز أن يأخذ فيه طعاما من الشريك، وإن كان زرع للشريك لا يجوز أن يسلمه إليه بما له عليه من الطعام، ولهذا المعنى قال القائل في