يسدوا حوله من كثرة المواشي واختلاف الناس والمضيق في موضعهم ذلك، وكيف إن كانت الأرض في موضع لا يخاف على الغرس فيه فساد ما ذكرت لك واشترط عليه السداد؟
قال أصبغ: إن كانت مؤونة يسيرة فهو جائز، وإن كانت مؤونة السياج والحائط والزرب يعظم ويكثر فلا خير فيه، وهو زيادة في المجاعلة وهو غرر أيضا لعله لا يتم من الغراس شيء فترجع الأرض بحيطانها وسياجاتها إلى ربها فيكونان قد تخاطرا، ويكفيك أن يحمل هذا على ما تحمل على المساقاة من سد الحظار وسد الشرب وما لا تعظم مؤنته ولا تكثر نفقته، فيجوز كذلك، قال مالك فيما قد علمت، وإلا لم يجز.
قال محمد بن رشد: قوله إنه لا يجوز لرب الأرض أن يشترط على المغارس إلا القدر اليسير الذي يجوز لرب الحائط أن يشترطه على المساقي في المساقاة صحيح، لأن المغارسة على جزء من الأرض مقيسة عليها حسبما قد ذكرناه في رسم طلق من سماع ابن القاسم، وهي على القول الثاني مقيسة على الجعل فلا يجوز أيضا اشتراط الزيادة الكثيرة فيه إذ لا يجوز ذلك في الجعل لأنه متى أحيل عن سنته باشتراط الزيادة فيه من أحدهما خرج عن أصله وعاد إلى الإجارة الفاسدة، وقد أجاز ابن القاسم في سماع حسين بعد هذا أن يشترط رب الأرض على العامل عمل نصيبه سنين مسماة بعد المقاسمة، وأنكر ذلك سحنون، فقوله في إنكاره صحيح على قياس قول أصبغ هذا، ولأصبغ في الواضحة مثل قول ابن القاسم هذا في سماع حسين، وزاد قال: وذلك أنه إذا غارسه على حد معروف واشترط أن يقوم له بحصته إلى أجل من السنين قد تمت المجاعلة بينهما، وصار لكل واحد نصفه يصنع فيه ما شاء، وصار لصاحب الأرض على الغارس عمل وخدمة إلى أجل معروف في نصفه الذي صار له، فجاز ذلك، واعترض عليه الفضل قوله قد تمت المجاعلة