قال محمد بن رشد: هذا مثل ما مضى في رسم طلق من سماع ابن القاسم أن المغارسة إلى الإطعام جائزة، ومثله يأتي في رسم حسين بن عاصم، وهو قول ابن حبيب في الواضحة وأحد قولي ابن المواز في كتابه، وله فيه قول آخر أن ذلك لا يجوز لأنه لا يدري متى يثمر؟ إذ قد يعجل ذلك وقد يؤخر، وبالله التوفيق.
مسألة قال: أرأيت لو دفعها إليه مبهما، فادعى أحدهما الحلال والآخر الحرام؟ قال: ينظر إلى عمل أهل ذلك البلد، فإن كان الغالب عليهم الحرام سلك بهم سبيل الحرام، إن كانت الثمرة لم تثمر أعطى العامل النخل مقلوعا إلا أن يشاء صاحب الأرض أن يعطيه قيمتها مقلوعا ولا شيء له في عمله ولا سقيه، وإن كانت أثمرت كانت الثمرة للعامل وكان لصاحب الأرض كراء أرضه يوم أثمرت النخيل، فإن كان عمل أهل ذلك البلد الحلال سلك بهم سبيل الحلال، وإن كان أهل تلك البلدة يعملون بالحلال والحرام وهذا يدعي حراما وهذا يدعي حلالا حلفا ويفسخ الأمر بينهما.
قال محمد بن رشد: تكلم في أول هذه المسألة على الفوات وفي أخرها على القيام، وبنى قوله في ذلك كله على أنه لا مزية لمدعي الحلال في دعواه على مدعي الحرام إلا أن يشهد له العرف بمنزلة مدعي الحرام، فقال في أول المسألة في الفوات: إنه إن كان الغالب في البلد الحرام يسلك بهم سبيل الحرام يريد بعد يمين مدعي الحرام على ما يشهد له به العرف من الحرام فيعطى النخل مقلوعة إلا أن يشاء رب الأرض أن يأخذها بقيمتها مقلوعة ولا كراء على العامل في الأرض إذا لم يثمر النخل إذ لم ينتفع بها وأما إن أثمرت فعميه الكراء، قال في هذه الرواية من يوم أثمرت، وقد مضى ذكر