ولا يدري أيعيش العامل إلى ذلك الأجل أو يموت قبله؟ فإن مات غبن رب الأرض، فإن عاش إلى الأجل غبنه رب الأرض فتخاطرا بهذا، قال سحنون: هذا خطأ ولا يجوز هذا، وأول خطأ هذا أنه جعل وبيع شيء، فلا يجوز هذا على حال من الحال، ويصنع في هذا كما وصفت لك في أول المسألة.
قال محمد بن رشد: في الواضحة لمطرف وأصبغ مثل قول ابن القاسم، وزاد عن مطرف قال: فإن بطل الغرس بعد أن غرسه قيل لرب الأرض أعطه غرسا مثله يغرسه لك، ويقوم لك به إلى أجله، وهذا هو قول سحنون وقول أشهب في رسم البيع والصرف من سماع أصبغ من كتاب الجعل والإجارة، وإليه ذهب ابن حبيب خلاف مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وغيرها من أن الإجارة لا تجوز في ذلك إلا بشرط الخلف وزاد عن أصبغ أنه أجاز ذلك، لأن المغارسة قد تمت بينهما، واعترض ذلك الفضل واعتراضه صحيح، إذ لا فرق في القياس بين أن يشترط عليه في المغارسة عملا يعمله قبل الغرس أو بعده، فقول ابن القاسم في هذه الرواية وقول أصبغ في الواضحة معارض لما مضى من قول أصبغ في نوازله حسبما بيناه هناك.
ويتحصل في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها - أن المغارسة على هذا الشرط لا تجوز كان العمل مضمونا على العامل أو في عينه غير مضمون عليه، على حكم الإجارة في عين الأجير، وهو الذي يأتي على قياس ما تقدم من قول أصبغ في نوازله.
الثاني - أن ذلك جائز إن كان العمل مضمونا على العامل، ولا يجوز إن كان في عينه غير مضمون عليه إلا أن يشترط الخلف إن بطل الغرس.
والثالث - إن ذلك جائز في الوجهين جميعا والحكم يوجب الخلف، وأما إن اشترط العمل في بدنه ما قام شخصه، فإن مات بطل عنه الشرط ولم يجب عليه لرب الحائط شيء فلا اختلاف في أن ذلك لا يجوز، فإن وقعت المعاملة على ما لا يجوز باتفاق أو على ما لا يجوز عند من لا يجيزها على ما