عن أنس بن مالك قال:«عدا يهودي في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على جارية فأخذ أوضاحا كانت عليها ورض رأسها فأتى بها أهلها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي في آخر زمن وقد أصمتت فقال لها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قتلك أفلان؟ لغير الذي قتلها، فأشارت برأسها أن لا، قيل لرجل آخر غير الذي قتلها فأشارت برأسها أن لا، فقال لفلان لقاتلها فأشارت أن نعم، فأمر به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرض رأسه بين حجرين» وما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«لا قود إلا بالسيف» لم يأخذ به مالك إما لأنه لم يبلغه، وإما لأنه لم يصح عنده، فاتبع ظاهر قول الله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩] وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: ١٢٦] مع ما روي من قضاء من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في اليهودي الذي أمر برض رأسه قصاصا مثل ما فعل بالجارية.
وما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«أحسن الناس قتلة أهل الإيمان» وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية شداد بن أوس:«إن الله تعالى كتب الإحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحدد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» لا حجة فيه على مالك؛ لأن المعنى فيه عنده إنما هو فيمن وجب عليه قتل في غير قصاص، وما احتج المخالف من أهل العراق على مالك في هذه المسألة من قوله: أرأيت لو نكح