ومن نكل غرم ما يصيبه منه، ومن حلف من أولياء الدم وهم الورثة فقد استحق ما يجب له من الدية على جميع العاقلة والمدعي عليه كرجل منهم، وإنما يستحق منهم ما يجب له من الدية بعد أن يستكملوا جميع الأيمان، لأن من نكل من الورثة عن اليمين فهو بمنزلة من غاب لا يستحق من حضر حظه من الدية حتى يحلف جميع الأيمان، فإذا جاء من غاب حلف ما يجب عليه من الأيمان واستحق حظه من الدية، وإن نكل عن اليمين فكما قال في الرواية يكون حظه من الدية على جميع العاقلة، ولو كانوا عشرة آلاف والمدعي عليهم كرجل منهم فمن حلف منهم سقط عنه ما يجب عليه من ذلك، ومن نكل غرم ما يجب عليه منه، فليس قول ابن القاسم في سماع عيسى عنه بخلاف لما قبله من رواية سحنون وعيسى عنه، وإنما تكلم أولا على نكول الورثة، وتكلم آخرا على نكول العاقلة أيضا بعد نكول الورثة فقال إن جميع العاقلة والمدعى عليه الدم يحلفون في جميع الدية، ولو كانوا عشرة آلاف إذا نكل جميع الورثة وفيما بقي من الدية، ولو كانوا عشرة آلاف أيضا إذا نكل بعض الورثة وحلف بعضهم.
وفي سماع سحنون خلاف هذا القول أنه لا يحلف من العاقلة في الوجهين جميعا إلا خمسون رجلا يمينا لأنها جميع أيمان القسامة، فإن حلف منهم خمسون رجلا برئوا وسقطت الدية، وإن حلف بعضهم برئ من حلف معهم من الدية ووجبت الدية كلها على من بقي منهم إلا أن يأتوا بمن يحلف ما بقي من الخمسين يمينا، ولو حلف منهم تسعة وأربعون رجلا يمينا وبقيت يمين واحدة من الخمسين يمينا كانت الدية كلها على من لم يحلف حتى يأتوا منهم بمن يحلف اليمين الباقية من الخمسين، هذا معنى قوله في سماع سحنون مفسرا، وله فيه قول آخر مثل ما في هذه الرواية أن جميع العاقلة والمدعي عليه الدم يحلفون كلهم إذا نكل الورثة عن اليمين، وفي المسألة قول ثالث أنهم إن نكلوا لم يكن لهم شيء، وإن نكل بعضهم وحلف بعض لم يكن لمن نكل منهم شيء، ولا ترجع الأيمان على العاقلة