يقاتلون على تأويل؟ قال: فليس على الذين قتلوه قتل وإن عرفوا، قيل له فديته هل عليهم منها شيء؟ قال: لما سقط القتل عنهم سقطت الدية عنهم، وليس أهل التأويل كغيرهم.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في الأثر من كتاب الجهاد من المدونة من قول ابن شهاب: هاجت الفتنة الأولى فأدركت رجالا ذوي عدد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فكانوا يرون أن يهدر أمن الفتنة فلا يقام على أحد قصاص ولأحد في سبي امرأة مست ولا يرى بينها وبين زوجها ملاعنة يريد إن نفى ولدها ولا يرى أن يقفوها أحد إلا جلد الحد، ومثله روى مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه لا يقتل به ولا يقاد منه، ومن أهل العلم من يرى أنه يقاد به ويقتص منه، وهو قول أصبغ ومذهب عطاء، وهذا الاختلاف في القصاص منه سواء تاب أو أخذ قبل أن يتوب، ولا يقام عليه حد الحرابة وإن أخذ قبل أن يتوب ولا يؤخذ ما أخذ من المال وإن كان موسرا إلا أن يوجد بيده شيء بعينه فيرد إلى ربه، وأما من أوسر منهم في الحرب وهي قائمة لم يظهر بعد على أهل رأيه فللإمام أن يقتله إن رأى ذلك، لما يخاف من أن يعين مع أصحابه على المسلمين.
وإن كان ذلك بعد انقطاع الحرب والظهور على أهل رأيه فإنه لا يقتل، وحكمه حكم البدعي في جماعة المسلمين، الذي لا يدعوا إلى بدعته يستتاب في قول مالك، فإن تاب، وإلا قتل وهو قول مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ، وقال ابن الماجشون وسحنون ينهي عن بدعته ويؤدب عليها ويستتاب ويقبل منه ما أظهر من قليل التوبة وكثيرها، ولا يقتل وهو قول عطاء وبالله التوفيق.