قول الرجل أنا قتلت فلانا خطأ، وأما قوله قتلني فلان خطأ أو عمدا فما علمنا فيه اختلافا من قول مالك وأصحابه كلهم إلا ابن وهب.
واختلف إذا قال الرجل قتلت فلانا خطأ: فقيل إنه لوث يوجب القسامة والدية على العاقلة إذا لم يتهم أن يكون أراد غناء ولد المقتول على ما قاله في المدونة، وقيل إن الدية تكون عليه في ماله لأن العاقلة لا تحمل الإقرار قيل بقسامة وقيل بغير قسامة، وذلك إذا كانت للمقتول حياة، وأما إذا لم تكن له حياة فالدية عليه في ماله دون قسامة قولا واحدا هو الذي يجب أن يحمل عليه ما وقع من ذلك في كتاب الصلح من المدونة مجملا، وهذا الذي ذكرناه أصل هذه المسألة التي تنبني عليه، فإذا قال الرجل قتلني فلان خطأ، وقال فلان بل قتلته عمدا فعلى المشهور من المذهب أن قول المقتول قتلني فلان خطأ لوث يوجب القسامة والدية على العاقلة، يكون عصبة المقتول بالخيار بين أن يقتلوه بإقراره دون قسامة إن لم تكن له حياة، أو مع القسامة إن كانت له حياة على الاختلاف الذي ذكرناه في ذلك، وبين أن يقسموا مع المقتول فتكون الدية على عاقلته.
وإذا قال قتلني فلان عمدا، وقال فلان بل قتلته خطأ فعلى القول بأن قول الرجل قتلت فلانا خطأ لوث يوجب القسامة والدية على العاقلة يكون الأولياء مخيرين بين أن يقسموا مع قول المقتول فيقتلوا القاتل وبين أن يقسموا مع قوله فتكون لهم الدية على عاقلته، وعلى القول بأن قول الرجل قتلت فلانا خطأ يوجب الدية عليه في ماله يكون الأولياء مخيرين بين أن يقسموا مع قول المقتول فيقتلوا القاتل وبين أن يلزموا القاتل الدية في ماله بإقراره بالقتل دون قسامة إن لم تكن له حياة أو مع قسامة إن كانت له حياة على ما ذكرنا من الاختلاف في القسامة في ذلك، فهذا بيان وجه القول في هذه المسألة مستوفى.