أتجب القسامة لأوليائه بشهادة واحد على الضرب؟ قال: لا وكذلك لو شهد رجل عدل على جرح رجل فمات من ذلك الجرح لم تجب فيه قسامة وإن صح المجروح حلف مع شاهده واقتص.
قال محمد بن رشد: قوله إنه لا قسامة مع الشاهد الواحد على الجرح خلاف نص قوله في المدونة، وفي نوازل سحنون بعد هذا القولان جميعا، فعلى القول بأنه يكون في ذلك القسامة يحلفون لقد جرحه ولقد مات من جرحه، ولا يحلفون مع الشاهدين على الجرح إلا لقد مات من ذلك الجرح، وأما مع الشاهد على القتل فيحلفون لقد قتله خاصة، فتفترق الثلاثة الوجوه في صفة الأيمان، وتختلف أيضا في القسامة مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل بالقتل عمدا، فقال أشهب في ذلك القسامة، ولابن القاسم في كتاب ابن المواز أنه لا قسامة في ذلك، ومثله في آخر سماع سحنون، وهو ظاهر ما في المدونة، إلا أن سحنون أصلح ما في المدونة ورده إلى مثل قول أشهب لأن ابن القاسم قال فيها: وهذا عندي مخالف للدم، زاد سحنون في ذلك دم الخطأ على سبيل التفسير لقوله، وذلك خلاف المنصوص له في كتاب ابن المواز من أن القسامة لا تكون مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل بالقتل في العمد، وإذا قاله في العمد فأحرى أن يقوله في الخطأ، وقد اختلف أيضا قوله في القسامة مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل بقتل الخطأ، وقع اختلاف قوله في ذلك بعد هذا في سماع سحنون، وإذا قال بالقسامة مع الشاهد الواحد في قتل الخطأ فأحرى أن يقول ذلك في العمد.
فيتحصل في ذلك ثلاثة أقوال؛ أحدها: إيجاب القسامة مع الشاهد الواحد على إقرار القاتل بالقتل عمدا أو خطأ، والثاني: لا قسامة في ذلك لا في العمد ولا في الخطأ، والثالث: الفرق بين العمد والخطأ، وإلى هذا ذهب سحنون وعليه أصلح ما في المدونة، وهو الأظهر من الأقوال إذ قد قيل إن إقرار القاتل