عليهم القسامة ما وجب عليهم من الدية أذلك لهم؟ وهل لعاقلة الذي يقسم عليه وحده إذا كان بعد ثبوت الدم لا يصير عليه إلا أقل من ثلث الدية أن يقولوا: لا نغرم شيئا إلا الذي وجب على صاحبنا لم يبلغ الثلث، والدم لم يرم به هو وحده، وأنتم لم تحلفوا على جميع من وجب لكم عليه القسامة.
قال محمد بن رشد: قوله إنه إذا كان ثلث المقتول يسع ما يصير على الدية على الذين أمر بوضع القسامة عنهم لم يكن لهم أن يقسموا إلا على الذي أمر الميت أن يقسم عليه خلاف ما في سماع سحنون أنهم يقسمون على جميعهم، وليس لهم أن يقسموا على بعض دون بعض، فإذا أقسموا على جميعهم نظر حينئذ إلى الذين أمر ألا يقسم عليهم، فإن كان ثلث ماله يحمل ما يقع عليهم من الدية لم يكن عليهم شيء، يريد وإن لم يحمل ذلك ثلث ماله سقط عن كل واحد منهم ما حمل الثلث من ذلك، وكان الباقي على عاقلة كل واحد منهم.
ووجه هذا الاختلاف أنه حمل قوله في هذه الرواية على أنه إنما أمر بالقسامة على بعضهم من أجل أنهم كانوا أشد عليه فيما أصابوه به فوجب ألا يتعدى بالقسامة من أمر أن يقسم عليه؛ لأنه أعرف بقدر ما أصابه به كل واحد منهم، وحمل قوله في رواية سحنون على أنه إنما أراد الإحسان إلى الذين أوصى ألا يقسم عليه منهم مع تساويهم فيما أصابوه به، فلم يكن له أن يكلف الورثة القسامة على بعضهم دون بعض مع تساويهم فيما أصابوه به فتكون أيمانهم على ذلك أيمان غموسة، ولو بين فقال لا تقسموا إلا على فلان فإن الذي أصابني هو به أشد مما أصابني سائرهم لم يكن لهم أن يقسموا إلا عليه