للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يغسل ويصلى عليه؟ فقال: لا يغسل ولا يصلى عليه، وإن كان جنبا قد ترك غسل من قد اجتمعت الأمة على غسله من موتى المسلمين، وكذلك يترك غسل الجنب إذا كان شهيدا، وقال ابن الماجشون مثل قول أشهب.

قال محمد بن رشد: وهذا كما قالا؛ لأن غسل الجنابة من العبادات المتوجهة على الأحياء عند القيام إلى الصلاة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦]- الآية - إلى قوله سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] .

فإذا مات الميت ارتفعت عنه العبادات من الصلاة والغسل لها وغير ذلك، وغسل الميت إنما هي عبادة للأحياء تعبدوا (بها) فيه؛ فهي واجبة عليهم على الكفاية بإجماع، قيل: وجوب السنن، وقيل: وجوب الفرائض؛ ووجه احتجاج أشهب، هو أنه يقول: لما سقط وجوب غسل الميت بالشهادة، وقد كان واجبه وإن لم تكن به جناية، وجب أن يسقط بها - وإن كان جنبا، إذ لا تأثير للجنابة فيما كان يلزم من غسله - لولا الشهادة، وهو احتجاج صحيح من جهة القياس والنظر، وقد جاء بذلك الأثر، ذكر أهل العلم بالسير، أن حنظلة بن أبي عامر الراهب، كان قد ألم بأهله في حين خروجه إلى أحد، ثم هجم عليه من الخروج في النفير، ما أنساه الغسل وأعجله عنه؛ فلما قتل شهيدا، أخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن الملائكة غسلته؟ وروي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سأل امرأته ما كان شأنه؟ فقالت: إنه كان جنبا وغسلت أحد شقي رأسه، فلما سمع الصيحة خرج فقتل؛ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لقد رأيت الملائكة تغسله» ، فسمي حنظلة الغسيل - وكان من الأوس؛ روي أنها افتخرت على الخزرج - وكانا يتنافسان، فقالت الأوس:

<<  <  ج: ص:  >  >>