للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألتين فرقا، ورأى القضاء بذلك حكما وقع باجتهاد صحيح، فلا يرد، وأما ابن القاسم فقال في المدونة، في الذي ابيضت عينه أو نزل الماء فيها فحكم له بالدية ثم برئت أنه يرد ما أخذ، فقيل إنه هو الذي يأتي في مسألة العقل على مذهبه، وأنه لا فرق عنده بين المسألتين، وقيل إن المسألتين مفترقتان عنده وإن مذهبه في مسألة العقل كقول أشهب؛ لأن العقل يذهب حقيقة ثم يعود بعد ذهابه، فإذا حكم بالعقل فيه لذهابه لم ينقض الحكم فيه لرجوعه، وأما البصر فقد يستره ساتر دون أن يذهب حقيقة، فإذا حكم بالعقل فيه لذهابه في الظاهر ثم رجع علم أنه لم يكن ذهب حقيقة وإنما كان ستره ساتر، فانكشف برجوعه خطأ الحكم بالدية، فوجب ردها.

فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال أحدها أنه يرد الدية في المسألتين، والثاني أنه لا يردها في واحدة منهما، والثالث الفرق بينهما فيردها في رجوع البصر ولا يردها في رجوع العقل، ولا اختلاف بينهم في أنه إذا عاد البصر أو العقل قبل الحكم لا يقضى له بشيء.

وحكم السمع يذهب ثم يعود قبل الحكم أو بعد الحكم حكم البصر على ما ذكرناه فيه.

وأما الكبير تصاب سنه فيقضى له بعقلها ثم يردها صاحبها فثبتت فلا اختلاف بينهم في أنه لا يرد العقل إذ لا ترجع على قوتها، هذا مذهب ابن القاسم وقول أشهب في كتاب ابن المواز وروايته عن مالك في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب من كتاب الجنايات.

والأذن بمنزلة السن في ذلك لا يرد العقل إذا ردها بعد الحكم فتثبتت واستمسكت، وإنما اختلف فيهما إذا ردهما فثبتتا واستمسكتا وعادتا لهيئتهما قبل الحكم على ثلاثة أقوال: أحدها: قوله في المدونة إنه يقضى له بالعقل فيهما جميعا إذ لا يمكن أن يعودا لهيئتهما أبدا، وقال أشهب إنه لا يقضى له فيهما بشيء إذا عادا لهيئتهما قبل الحكم، والثالث: الفرق بين السن والأذن فيقضي

<<  <  ج: ص:  >  >>