قال: لا أدري، قال سحنون: قال عبد الله بن نافع وأرى له عقل الموضحة كلها لأنه ليس دون الموضحة عقل.
قال محمد بن رشد: يدخل هذه المسألة من الاختلاف الثلاثة الأقوال التي تقدمت في أول سماع ابن القاسم في الذي يجرح رجلا موضحة فتصير منقلة، فقوله إنه يقاد له من ملطا فإن صارت موضحة كان ذلك، وإن لم تستوضح عقلت له الموضحة، هو على القول في الذي يجرح موضحة فتصير منقلة إنه يقاد له من الموضحة ويعقل له ما بين الموضحة والمنقلة إن لم تصر موضحة المقتص منه منقلة.
وقوله: إن له عقل الموضحة كلها بعيد خارج عن القياس إذ لا يصح أن يأخذ جميع عقل الموضحة إذ قد اقتص من بعضها، وإن لم يكن للمطاء دية مسماة عند مالك فيجب أن ينظر إلى قدر جرح الملطا ما هو من جرح الموضحة؟ فإن كان ثلثه أو ربعه حط من عقل الموضحة ثلثه أو ربعه إذ قد أخذه في القصاص، وقد روي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان أنهما قضيا في الملطا وهي السمحاق بنصف دية الموضحة، فعلى هذا إذا اقتصر من الملطا ولم تصر موضحة كان له نصف عقل الموضحة، وقد روي عن زيد بن ثابت أنه قال في الدامية بعير، وفي الباضعة بعيران، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وفي السمحاق أربعة أبعرة إذا كانت في الرأس، فعلى هذا يكون له إذا اقتص من الملطا ولم تصر موضحة بعير واحد، إلا أن مالكا لم ير هذا وقال في موطئه: ولم تقض الأئمة في القديم ولا في الحديث عندنا فيما دون الموضحة بعقل، فيحمل ما روي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت في ذلك على وجه الحكومة بالاجتهاد لا على وجه التوفية ويأتي في هذه المسألة على القول الآخر أنه ليس له إلا عقل الموضحة، وعلى القول الثالث أنه مخير بين أن يقتصر من الملطا ويأخذ عقل الموضحة أو بقية عقلها