ولا يوم أحبلها لأنها لو ماتت قبل ذلك لم تكن تلزم المشتري، ولو ماتت في يدي البائع ولم يبع لم يضمن من الجناية شيئا.
قال محمد بن رشد: الجارية الجانية هذه تباع فتفوت عند المبتاع بولادة قبل قيام المجني عليه بجناية أصلها في المدونة، وهي مسألة حسنة إلا أن وجوهها غير مستوعبة، وفي بعضها اعتراض واختلاف، منه ما هو منصوص عليه، ومنه ما يتخرج بالمعنى على الأصول، فأما إذا كانت الجناية عمدا فيها القصاص فاقتص أولياء المقتول منها فقتلها فاختلف بماذا يرجع المشتري على البائع؟ فقال في الرواية إنه إن كان في قيمة الولد وفاء بالثمن الذي دفع رجع إليه لم يرجع عليه بشيء، وإذا لم يكن فيها وفاء بالثمن الذي رجع عليه ببقية الثمن، ومعنى هذا عندي إذا كان المشتري قد علم بجنايتها، وأما إن لم يعلم بذلك ودلس له به البائع فينبغي أن يرجع على البائع بجميع الثمن ولا يحاسب فيه بشيء من قيمة الولد وفي محاسبته بقيمة الولد إذا علم بجنايتها نظر؛ لأنه إما أن يحكم للولد بحكم الغلة أو بحكم أمه، فإن حكم له بحكم الغلة وجب له الرجوع بجميع الثمن، وإن حكم له بحكم أمه وجب أن يفض الثمن على قيمة الأم وقيمة الولد يوم البيع، فيرجع على البائع بما ناب الأم من الثمن، وأما إذا لم يرد صاحب الجناية القصاص أو كان القتل خطأ فيحلف البائع ما علم بالجناية أو ما باعها وهو يريد حمل الجناية على ما قاله في المدونة، فإن حلف ورد الدية ثبت البيع وصح له الثمن، وإن أبى أن يؤدي الدية كان أولياء الجناية بالخيار بين أن يجيزوا البيع ويأخذوا الثمن من البائع ويمضي البيع للمشترى وبين أن يأخذوا القيمة من المشتري لفواتها عنده على ما قاله في الرواية، ولم يكن لهم عليه من قيمة الولد شيء لأن الأمة إذا جنت ثم ولدت بعد الجناية لم يدخل ولدها في الجناية، فإن أخذوا القيمة منه رجع بجميع الثمن على البائع ولم يحاسبه البائع في ذلك بقيمة الولد، بخلاف إذا اقتص منها، والفرق بين الموضعين أنها إذا قتلت قصاصا فكأنها باقية على