للمشتري اختيار العبد بعد إسلامه وهو لا يجوز له ابتداء شراؤه، وقد أنكر ذلك عليه سحنون، وقد مضى على هذا المعنى في سماع سحنون من كتاب العيوب، وأما إن كان العبد هو الجاني فقوله إن البائع مخير بين أن يسلم العبد أو يفتكه، فإن أفتكه مضى البيع ولزم المشتري ولم يكن له أن يرده إن كانت الجناية خطأ، وإن أسلمه انتقض البيع فيه وسقط الثمن عن المبتاع إن كان لم يدفعه ورجع إليه إن كان دفعه إلا أن يشاء المشتري أن يفتكه بجنايته لماله فيه من الحق بشرائه إياه، فيكون ذلك له ويثبت البيع ويؤدي الثمن إن كان لم يدفعه، ولا يرجع على البائع بشيء مما أفتكه به، فإن كان لم يدفع الثمن، وهو أكثر مما أفتكه به أسلم الزيادة إلى البائع، وإن كان ما أفتكه به مثل الثمن أو أكثر منه لم يكن له أن يرجع على البائع بشيء؛ لأنه إنما أفتكه لنفسه على ما قاله في الرواية؛ لأنه إنما تكلم فيها على البائع لم ينتقد الثمن، ولا يصح انتقاده بشرط في العهدة وإن كان قد دفع الثمن للبائع ورجع عليه بالأقل منه أو مما أفتكه به لأنه لو أسلمه ولم يفتكه لرجع عليه بجميع الثمن، فإذا أفتكه بأقل من الثمن لم يكن له أن يرجع عليه إلا بما أفتكه به، هذا بيان ما قاله في الرواية ونص عليه فيها.
وفي قوله إن البائع مخير بين أن يفتكه فيمضي البيع أو يسلمه فينتقض إلا أن يشاء المبتاع أن يفتكه نظر إذ لا يملك البائع إسلامه لما انعقد فيه من البيع الذي لا خيار له في نقضه، وقد قال ابن حبيب من أجل هذا إنه إنما يخير بين أن يسلم الثمن أو يفتكه بعقل الجرح، فإن أفتكه مضى البيع، وإن أسلمه وكان مثل عقل الجرح أو أكثر منه لزمه، وإن كان أقل من عقل الجرح ولم يرض بذلك رجع الخيار حينئذ إلى المشتري في افتكاكه، فإن أفتكه لم يكن له على البائع رجوع بما أفتكه به، وإن أسلمه رجع على البائع بالثمن، هذا معنى قوله.
وقوله إن البائع يخير بين أن يسلم الثمن أو يفتكه بالجناية أظهر من قول ابن القاسم في هذه الرواية إنه يخير بين أن يسلمه الثمن أو يفتكه بالجناية،