أن يقوم به الأول؟ قال: السيد مخير إن شاء أفتكه منهما بأرش جرحهما وإن شاء أسلم العبد إليهما وما أخذ من جرحه فيتحاص فيه الأول والآخر جميعا في رقبته وفي ثمن جرحه جميعا؛ لأنه حكم وقع الساعة، وقد كان يقول قبل ذلك إن الأرش للمجروح الأول خاصة، ويقتسمان العبد على قدر جرحهما، قال أصبغ وأنا أرى أن يكون الأرش للأول وينظر كم هو من العبد إذا اجتمعا، فإن كان سدسا فقد استوفى سدس جرحه، ويضرب بخمسة أسداسه في العبد معيبا، والثاني بجرحه كله.
قال محمد بن رشد: أما إذا جرح العبد ثم جرح فأخذ السيد عقل جرحه ثم قام عليه المجروح فلا اختلاف أحفظه في أن السيد مخير بين أن يفتكه بجنايته وبين أن يسلمه وما أخذ من جنايته، وهذا بين إذا كانت الجناية عليه إنما فيها ما نقص من قيمته مثل أن يقطع يده أو يفقأ عينه أو ما أشبه ذلك مما إنما فيه ما نقص من قيمته، وأما إذا كانت الجناية عليه موضحة أو منقلة أو مأمومة فالقياس أن يكون مخيرا بين أن يسلمه والأقل من ما نقصته الجناية من قيمته أو مما أخذ فيها وبين أن يفتكه وما أخذ في جنايته بما جنى.
وأما إذا جنى العبد ثانية بعد أن يجنى عليه وأخذ السيد أرش ما جنى به عليه ففي ذلك ثلاثة أقوال، أحدها قول ابن القاسم الثاني الذي رجع إليه أن السيد مخير بين أن يفتكه بأرش الجرحين جميعا وبين أن يسلمه وما أخذ من أرش جرحه، ووجه هذا القول أن أرش الجناية عليه تجبر عيب نقصانه، فكأنه قائم على حاله يخير بين أن يفتكه، وما أخذ من أرش الجناية عليه بالجنايتين، أو يسلمه وما أخذ من أرش الجناية بالجنايتين، والثاني قول ابن القاسم الذي كان يقول به ثم رجع عنه أن الأرش يكون للمجروح الأول خاصة، ويقتسمان العبد على قدر جرحهما معناه إلا أن يفتكه السيد وأرش جرحه بالجنايتين جميعا، ووجه هذا القول أن ما بقي من العبد بعد الجناية عليه