لا يجوز له إلا ذلك؛ لأن كل ما يبتدى القاضي فيه السؤال فالواحد يجزى لأنه من باب الخبر لا من باب الشهادة كالرسول لتحليف المرأة والمترجم له عمن لا يفهم كلامه، والمستنكه لمن استراب في سكره وما أشبه ذلك كثير، فلو اكتفى الإمام في تقويم سرقة السارق بواحد لأجزأه. وأما إذا دعا رجلين فاختلفا في قيمتها فقوله إنه لا يقطع حتى يجتمع على أن قيمتها ما يجب فيه القطع رجلان بين لا يجب أن يختلف فيه، إذ لا يصح أن يعمل قول أحدهما وأما إذا دعا رجلين فاختلفا في قيمتها فقوله إنه لا يقطع حتى يجتمع على أن قيمتها ما يجب فيه القطع رجلان بين لا يجب أن يختلف فيه، إذ لا يصح أن يعمل قول أحدهما وقد خالفه الآخر، إذ لا مزية لأحدهما على صاحبه.
وأما لو دعا أربعة فاختلفوا قال الاثنان منهم قيمتها ثلاثة دراهم، وقال الاثنان قيمتها درهمان لوجب أن يقطع بشهادة اللذين شهدا أن قيمتها ثلاثة دراهم لأنهما أثبتا بشهادتهما حكما نفاه الآخران، فكان من أثبت حكما أولى ممن نفاه ومثل هذا في المدونة، وقوله في هذه الرواية إنه إن دعا أربعة فاجتمع رجلان على قيمة، ورجلان على قيمة إن القاضي ينظر إلى أقرب القيمة إلى السداد لا يعود على مسألة تقويم السرقة، وإنما يعود على تقويم العبد في الحرية وما أشبه ذلك، ونظر القاضي إلى أقرب القيمة إلى السداد هو أن يسأل من سواهم، إذ قد اختلفوا عليه حتى يتبين له السداد من ذلك وذلك يبعد في تقويم السرقة لأن الاثنين قد أوجبا بشهادتهما حكما وهو القطع فوجب أن يعمل قولهما ولا يلتفت إلى من خالفهما كالشهود إذا اختلفوا في شهادتهم ولا مزية لأحد الطائفتين على الأخرى فيما شهدت به، غير أن إحدى الطائفتين أوجبت بشهادتها حكما فإنه يؤخذ بشهادة الطائفة التي أوجبت الحكم منهما على المشهور في المذهب، وقد قيل إنهما إذا تكافيا في العدالة أسقطتا، فعلى هذا إذا دعا القاضي أربعة لتقويم السرقة فاختلفوا في تقويمها قومها الاثنان منهم بثلاثة دراهم والاثنان بدرهمين يسأل الإمام غيرهما ويترك قولهم إذ قد سقط باختلافهم وبالله التوفيق.