عليه حنطة مثله والخبز عندي قوي بين ألا يكون عليه فيه إلا القمح الذي أخذ، قال وأما الغزل فعليه قيمته، وأما الكتان والحديد فعليه مثله؛ لأن مالكا قال لي في البيع الفاسد في الكتان يرد مثله وما أشبه ذلك مما يوزن، وقال لي في القطن مثله، وهو رأيي، والحديد كذلك؛ لأن هذه الأصناف يوجد مثلها، وإن الحيوان والثياب لا يوجد من شيء منها مثله، وأما الفضة والذهب ففضة وذهب مثلها ولا يأخذها مصوغة.
قال محمد بن رشد: مذهب ابن القاسم في السارق أو الغاصب إذا أفات ما سرقه بعمله فيه أن ذلك إن كان مكيلا أو موزونا فسواء أخرج فيه شيئا من ماله سوى العمل كالسويق يلته بسمن وما أشبه ذلك أو لم يخرج فيه من ماله شيئا سوى العمل كالحديد يعمل منه سيوفا والفضة والذهب يعمل منها حليا وما أشبه ذلك ليس للمسروق منه إلا المثل فيما سرقه له إلا أن يكون العمل يسيرا مثل القمح يطحنه فاختلف في ذلك قوله، مرة قال يأخذه مطحونا ومرة قال ليس له إلا مثل قمحه.
وأما العروض فيفترق الأمر فيها عنده بين أن يخرج فيها شيئا من ماله سوى العمل كالثوب يصبغه وما أشبه ذلك أو لا يخرج فيها شيئا من ماله سوى العمل، فأما ما أخرج فيه من ماله شيئا سوى العمل فمرة قال: هو فوت ليس لربه إلا قيمته، ومرة قال هو مخير بين أن يدفع إليه قيمة الصبغ ويأخذ ثوبته، وبين أن يلزمه قيمته يوم سرق منه، وأما ما لم يخرج فيه شيئا سوى العمل، فإن كان يسيرا أخذه معمولا كالرفو والخياطة في الثوب، وإن كان كثيرا كالخشبة يعمل منها أبوابا أو توابيت وما أشبه ذلك فليس للمسروق منه إلا قيمتها، والغزل عنده كالعرض وإن كان مما يوزن، هذا قوله في هذه الرواية وفي تضمين الصناع من المدونة، وقال غيره فيه: إن عليه في الغزل مثله، هذا تحصيل مذهب ابن القاسم في هذه المسألة، وأشهب لا يفرق في هذا بين المكيل والموزن