يقطع في السرقة يده اليمنى ثم رجله اليسرى ثم يده اليسرى ثم رجله اليمنى فإن سرق بعد ذلك ضرب وسجن وحبس، وقد جاء عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه يقتل بعد الرابعة وليس بالثابت، ولم يقل به أحد من أصحاب مالك غير أبي مصعب، وسواء كانت سرقاته من رجال شتى أو من رجل واحد أشياء شتى أو شيئا واحدا سرقه من رجل واحد بعد أن عاد لحرزه إذا كانت سرقته الثانية بعد أن يقطع في الأولى، وأما إذا سرق سرقات قبل أن يقطع فقطع في أحدها فذلك القطع يجزي لكل سرقة تقدمت كان قد رفع فيها أو لم يرفع، فإن سرق وهو أشل اليدين والرجلين ضرب وحبس، وإن سرق وهو أشل اليدين جميعا أو مقطوع أصابعهما أو أصبعين من كل يد فأكثر، فاختلف هل تقطع رجله اليسرى أو اليمنى فقال ابن القاسم في هذه الرواية إنه يقطع رجله اليسرى لأنها كانت تقطع أولا يده اليمنى ثم رجله اليسرى أو على ما اختاره من قول مالك في السارق يسرق وهو أشل اليد اليمنى إنه يقطع رجله اليسرى على ما كان يقوله أولا ثم رجع إلى أن تقطع يده اليسرى، فعلى قياس هذا القول إذا سرق السارق وهو أشل اليدين قطعت رجله اليمنى، وظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية أن الذي اختاره من قول مالك في السارق يسرق وهو أشل اليد اليمنى أن تقطع رجله اليمنى على القول الذي رجع إليه مالك خلاف اختياره في المدونة، وحكى ابن حبيب عنه قولا ثالثا وهي التفرقة بين أن تكون يده اليمنى شلاء أو مقطوعة في قصاص، فإن كانت شلاء قطعت يده اليسرى وإن كانت قطعت في قصاص قطعت رجله اليسرى، ولا فرق عند مالك بين أن تكون يده اليمنى شلاء أو مقطوعة في قصاص، واختلف قوله في ذلك اختلافا واحدا، واختيار أصبغ أن تقطع يده اليسرى كانت اليمنى شلاء أو مقطوعة في قصاص على القول الذي رجع إليه مالك، قال لا يقطع من السارق رجل ما دام له يد لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] وقد مضى في أول سماع عيسى