يلاعن، قال عيسى: لا يعجبني هذا، ولا حد عليه ولا لعان.
قال محمد بن رشد: لم ير ابن القاسم مجاوبتها له بقولها زنيت بك. إقرارا منها على نفسها بالزنا ولا قاذفة؛ لاحتمال أن تريد بقولها " زنيت بك " إصابته إياها بالنكاح، وذلك بين من قوله في سماع يحيى بعد هذا، فلما لم يرها بهذا القول مقرة على نفسها بالزنا ولا مصدقة فيما زناها به منه، قال: إنه يجلد الحد إلا أن يلاعن، وذلك على القول بأن اللعان يجب بالقذف، وهو أحد قولي ابن القاسم في المدونة، وقول عيسى: إنه لا حد عليه ولا لعان، المعنى فيه أنه رأى قولها إقرارا منها على نفسها بالزنا وتصديقا له فيما رماها به منه، فأسقط عنه حكم القذف بذلك يريد ويجب عليها بذلك حد الزنا إلا أن ينزع عنه، وحد القذف لزوجها إلا أن يعفو عنها كما لو قال لأجنبية يا زانية، فقالت زنيت بك، حسبما قاله ابن القاسم في سماع يحيى، فلم يفرق عيسى في ذلك بين الزوجة والأجنبية كما فعل ابن القاسم، ولأصبغ في الزوجة قول ثالث في سماع يحيى، وهو أنها تكون في مراجعتها لزوجها بهذا القول قاذفة له غير مقرة على نفسها بالزنا فيحد كل واحد منهما لصاحبه إلا أن يلاعن هو على القول بأن اللعان يكون في القذف، ولأشهب في الأجنبية قول ثان في كتاب ابن المواز، وهو أنها تكون بمراجعتها له بهذا القول مقرة على نفسها بالزنا وقاذفة له إلا أن تنزع عن ذلك فتقول: إنما قلت ذلك على المجاوبة فيحد الرجل ولا تحد هي في قذف ولا زنا، وقول ابن القاسم أظهر أنه يقبل رجوعها في إقرارها على نفسها بالزنا ولا تقبل في قذفها لزوجها، وقد حكى أبو إسحاق عن أشهب في الأجنبية أن قولها له: بك زنيت ليس بإقرار منها على نفسها بالزنا ولا قذف منها للرجل، كأنها قالت إن كان الأمر كما تقول فبك زنيت، وهو يقول ما زنيت بها فكأنها أنكرت أن يكون هناك زنا منها ومنه بحال، وإذا قال أشهب هذا في الأجنبية فأحرى أن يقوله في الزوجة، وإذا قال أصبغ في الزوجة إنه يحد كل واحد منهما لصاحبه فأحرى أن يقوله في الأجنبية، وابن القاسم هو الذي يفرق بين الزوجة والأجنبية على ما تقدم بيانه، وبالله التوفيق.