للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعة شهود أنهم رأوه كالمرود في المكحلة مثل الزنا سواء؛ لأنه لا يستوجب القتل إلا بالوطء، ولا يثبت إلا بأربعة شهداء، قال سحنون: وقد كان ابن القاسم يقول: يجزئ في ذلك شهادة رجلين، ثم رجع إلى هذا.

قال محمد بن رشد: وجه ما كان ابن القاسم يقوله في أنه يجزئ في ذلك شهادة رجلين هو أنه كان يرى اغتصابه إياها وغيبته عليها نقضا لعهده يوجب عليه القتل لما جاء من أن امرأة مرت تسير على بغل فنخس بها علج، فوقعت من البغل فبدا بعض عورتها فكتب بذلك أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه عمر أن اصلب العلج في ذلك المكان، فإنا لم نعاهدهم على هذا، إنما عاهدناهم على أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ووجه القول الذي رجع إليه أنه لا يراه ناقضا لعهده بغصبه إياها حتى يطأها على ما روي من أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: إذا اغتصب النصراني المسلمة نفسها فليقتل فإن ذلك ليس مما صولح عليه، فإنما يقتل إذا اغتصبها فوطئها؛ لنقض العهد لا على حد الزنا، ولا يلحق به الولد وهو على دينه، فإن أسلم هدر عنه القتل، وإن رئي ذلك خوف من القتل إذا ثبت صحة إسلامه، وعليه صداق مثلها أسلم أو لم يسلم؛ لأنه حق للمرأة، قال ذلك ابن حبيب وحكاه عن أصبغ، فلا اختلاف إذا اغتصبها نفسها فوطئها أن ذلك نقض لعهده، واختلف إذا زنى بها وهي طائعة فقال ربيعة: هو نقض لعهده، وقال في سماع عبد الملك بعد هذا: إنه يضرب ضربا يموت منه، وقال أشهب: يضرب الضرب الموجع لما لم يوف لهم بالعهد، ولو وفي لهم بالعهد كان هذا منهم نقضا للعهد، وقال محمد بن عبد الحكم: لا يكون نقضا للعهد وإن وفى لهم بالعهد إذا كان على الطوع، وأما جرح النصراني للمسلم وقذفه إياه فلم يروه نقضا لعهده، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>